الجزء الأول
  ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عابد بن عدي بن كعب الأنصاري الخزرجي بعثه رسول اللّه ÷ إلى اليمن في ربيع الأول من سنة تسع.
  وكان معاذ جميل الوجه برّاق الثنايا وكتب معه رسول اللّه ÷ إلى ملوك حمير وإلى السكاسك وهم أهل مخلاف الجند ووصاهم بإعانته على بناء المساجد ووعد من أعانه بخير وقال له: بم تحكم بينهم؟ قال: بكتاب اللّه، قال فإن لم تجد؟ قال: بسنّة رسول اللّه، قال:
  فإن لم تجد؟ قال أجتهد رأيي، قال: الحمد للّه الذي وفق رسول رسول اللّه وقال: يا معاذ زين الاسلام بعدلك وحلمك وعفوك وحسن خلقك فإن الناس ناظرون إليك وقايلون خيرة رسول اللّه، أوصيك بتقوى اللّه وصدق الحديث ووفاء العهد وأداء الأمانة وترك الخيانة ورحمة اليتيم وحفظ الجار وكظم الغيظ ولين الكلام وبذل السلام ولزوم الإمام والتفقه بالقرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وقصر الأمل وحسن العمل، وأنهاك أن تشتم مسلما وتصدّق كاذبا أو تكذب صادقا أو تعصى إماما عادلا أو تفسد في الأرض وأذكر اللّه عند كل شجر وحجر وأحدث لكل ذنب توبة وستقدم على قوم أهل كتاب يسألونك عن مفاتيح الجنة فقل شهادة: أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا رسول اللّه.
  ثم ودعه رسول اللّه ÷ وقال له: لعلك لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك تمر بمسجدي وقبري. فبكى معاذ خشية لفراق رسول اللّه ÷ فقال له رسول اللّه ÷: لا تبك فإن البكاء قبل أوان البكاء من الشيطان.
  وكان معاذ يتردد بين الجند وحضر موت، وتفقه به جماعة من أهلها وكان معاذ من أكابر الصحابة روي أن النبي ÷ قال في حقه: معاذ أعلم أمتي بالحلال والحرام. ورافع رجل امرأته إلى عمر فقال:
  يا أمير المؤمنين غبت عن زوجتي هذه سنتين فجئت وهي حامل. فاستشار عمر معاذا في رجمها فقال له معاذ: إن كان لك عليها سبيل فما لك على ما في