الجزء الثاني
  والأشعث الكندي لما سما لنا ... من حضر موت مجنب الذكران
  قاد الجياد على وجاها شزبا ... قب البطون نواحل الأبدان
  وقال علي بن محمد الصليحي الخارج باليمن:
  وألذ من قرع المثاني عنده ... في الحرب ألجم يا غلام وأسرج
  خيل بأقصى حضر موت أسدها ... وزئيرها بين العراق ومنبج
  وأما فتحها فإن رسول اللّه ÷ كان قد راسل أهلها فيمن راسل، ودخلوا في طاعته وقدم عليه الأشعث بن قيس في بضعة عشر راكبا مسلما فأكرمه رسول اللّه ÷، فلما أراد الانصراف سئل رسول اللّه ÷ أن يولي عليهم رجلا منهم فولّى عليهم زياد بن لبيد البياضي الأنصاري وضم إليه كندة فبقي على ذلك إلى أن مات رسول اللّه ÷ فارتدت بنو وليعة بن شرحبيل بن معاوية، وكان من حديثه أن أبا بكر ¥ كتب إلى زياد بن لبيد يخبره بوفاة النبي ÷ ويأمره بأخذ البيعة على من قبله من أهل حضر موت، فقام فيهم زياد خطيبا وعرّفهم موت النبي ÷ ودعاهم إلى بيعة أبي بكر ¥ فامتنع الأشعث بن قيس من البيعة واعتزل في كثير من كندة وبايع زيادا خلق آخرون وانصرف إلى منزله وبكّر لأخذ الصدقة كما كان يفعل فأخذ فيما أخذ قلوصا من فتى من كندة فصيّح الفتى وضجّ واستغاث بحارثة بن سراقة بن معد يكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية، فأتى حارثة إلى زياد فقال: أطلق للغلام بكرته فأبى وقال: قد عقلتها ووسمتها بميسم السلطان، فقال حارثة: أطلقها أيها الرجل طايعا قبل أن تطلقها وأنت كاره، فقال زياد: لا واللّه لا أطلقها، فقام حارثة فحل عقالها وضرب على جنبها فخرجت القلوص تعدو إلى الّافها. فنهض زياد فصاح بأصحابه المسلمين، ودعاهم إلى نصرة اللّه وكتابه وإنحازت طائفة من المسلمين إلى زياد وجعل من ارتد ينحاز إلى حارثة فجعل حارثة يقول:
  أطعنا رسول اللّه ما دام وسطنا ... فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر
  أيورثها بكرا إذا كان بعده ... فتلك لعمر اللّه قاصمة الظهر