الفن الأول: علم المعاني
  على المجاز؛ ما لم يعلم أو يظنّ بأنّ قائله لم يرد ظاهره؛ كما استدلّ على أنّ إسناد ميّز في قول أبى النّجم [من الرجز]:
  ميّز عنه قنزعا عن قنزع ... جذب اللّيالى أبطئى أو أسرعى(١)
  مجاز بقوله عقيبه [من الرجز]:
  أفناه قيل الله للشّمس اطلعى
  نروح ونغدو لحاجاتنا ... وحاجة من عاش لا تنقضى
  تموت مع المرء حاجاته ... وتبقى له حاجة ما بقي
  يعنى كل مجاز إسنادي لا يحمل على المجاز، حتى يظن أن قائله لم يرد ظاهره، فإن شك فالأصل الحقيقة. وعلى المصنف في هذا المثال اعتراض سيأتي، وقوله: كما استدل مثال لما إذا ظن أن قائله لم يرد ظاهره، فإن أبا النجم لو اقتصر على قوله:
  ميّز عنه قنزعا عن قنزع ... جذب اللّيالى أبطئى أو أسرعى(٢)
  لما علمنا أنه مجاز إلى أن قال:
  أفناه قيل الله للشّمس اطلعى(٣)
  وعكسه قولهم: {وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ}(٤) استدل على إرادة الحقيقة بقوله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}. *
  (تنبيه): أنشد في الإيضاح لملابسة السبب قول عوف بن الأحوص:
- للرازي ص ١٧٠، والإشارات والتنبيهات ص ٢٥، والمفتاح ٢٠٨ ط المطبعة الأدبية، والمصباح ص ١٤٤، والإيضاح ص ٢٧، والتلخيص ص ١٢، وشرح عقود الجمان ١/ ٤٦.
(١) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص ١٤٥، وفخر الدين الرازي في نهاية الإيجاز ص ١٨٢ وعزاه لأبى النجم وميز عنه: أي عن الرأس.
القنزع: الشعر المجتمع في نواحي الرأس. جذب الليالي: أي مضيها واختلافها. أبطئى أو أسرعى: حال من الليالي، على تقدير القول، أي مقولا فيها.
(٢) الرجز لأبى النجم في الإيضاح ص ٢٨، والتلخيص ص ١٣، والمصباح ص ١٤٥، ونهاية الإيجاز ص ١٨٢، وشرح عقود الجمان ١/ ٤٦، ودلائل الإعجاز ص ٢٧٨، والطراز ٢/ ١٩٦.
(٣) انظر ما سبق في تخريج البيت السابق.
(٤) سورة الجاثية: ٢٤.