الفن الأول: علم المعاني
  .. ... .....
  للصون لكان جيدا، وقد يجاب عنه بأن الصون ليس هو الترك، بل قصده للصيانة، وهو لم يوجد، بل وجد ما يوهمه، ومثال الأول:
  سأشكر عمرا إن تراخت منيّتى ... أيادي لم تمنن وإن هي جلّت
  فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشّكوى إذا النّعل زلّت(١)
  هما لأبى الأسود الدؤلي يمدح عمرو بن سعيد بن العاصي، وكذلك قول الآخر:
  أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللّيل حتّى نظم الجزع ثاقبه
  نجوم سماء كلّما انقضّ كوكب ... بدا كوكب تأوى إليه كواكبه(٢)
  ولو عبر المصنف بقوله: لقصد التعظيم؛ لمثلنا ذلك بقوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها}(٣). وفى هذا المعنى يقول يزيد:
  وإيّاك واسم العامريّة إنّنى ... أغار عليها من فم المتكلّم(٤)
  ومثال الثاني: قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}(٥)، وقوله: {وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ}(٦)، وإنما يصح التمثيل بهاتين الآيتين الكريمتين؛ لصون اللسان عن المسند إليه باعتبار لسان القارئ، لما لا يخفى، وكقوله:
(١) البيتان من الطويل، وهما لعبد الله بن الزبير في ديوانه ١٤٢، ونسبهما في الحماسة البصرية ١/ ١٣٥ إلى عمرو بن كميل، وهما في ديوان إبراهيم بن العباس الصولي في الطرائف الأدبية ص ١٣٠، وفى التبيان للطيبي ١/ ١٤٧، والمفتاح ص ٩٤، وشرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٥٢ ونسبهما لأبى الأسود الدؤلي، وفى دلائل الإعجاز ص ١٤٩، والإشارات والتنبيهات ص ٣٠٣، ٣٤، وبلا نسبة في الإيضاح ص ٣٨، والتلخيص ص ١٠٩.
(٢) البيتان من الطويل ينسبان لأبى الطحان القينى، وللقيط بن زرارة، انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٧١١، وحماسة أبى تمام ٥٢٢، والتبيان للطيبي ١/ ١٤٦، والإشارات والتنبيهات ص ٣٤، والمفتاح ٩٤، وشرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٥٢، وبلا نسبة في الإيضاح ص ٣٩.
(٣) سورة النور: ١.
(٤) البيت ليزيد في شرح عقود الجمان ١/ ٥٢.
(٥) سورة البقرة: ١٨.
(٦) سورة القارعة: ١٠ - ١١.