عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 158 - الجزء 1

  .. ... .....


  للصون لكان جيدا، وقد يجاب عنه بأن الصون ليس هو الترك، بل قصده للصيانة، وهو لم يوجد، بل وجد ما يوهمه، ومثال الأول:

  سأشكر عمرا إن تراخت منيّتى ... أيادي لم تمنن وإن هي جلّت

  فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشّكوى إذا النّعل زلّت⁣(⁣١)

  هما لأبى الأسود الدؤلي يمدح عمرو بن سعيد بن العاصي، وكذلك قول الآخر:

  أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللّيل حتّى نظم الجزع ثاقبه

  نجوم سماء كلّما انقضّ كوكب ... بدا كوكب تأوى إليه كواكبه⁣(⁣٢)

  ولو عبر المصنف بقوله: لقصد التعظيم؛ لمثلنا ذلك بقوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها}⁣(⁣٣). وفى هذا المعنى يقول يزيد:

  وإيّاك واسم العامريّة إنّنى ... أغار عليها من فم المتكلّم⁣(⁣٤)

  ومثال الثاني: قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}⁣(⁣٥)، وقوله: {وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ}⁣(⁣٦)، وإنما يصح التمثيل بهاتين الآيتين الكريمتين؛ لصون اللسان عن المسند إليه باعتبار لسان القارئ، لما لا يخفى، وكقوله:


(١) البيتان من الطويل، وهما لعبد الله بن الزبير في ديوانه ١٤٢، ونسبهما في الحماسة البصرية ١/ ١٣٥ إلى عمرو بن كميل، وهما في ديوان إبراهيم بن العباس الصولي في الطرائف الأدبية ص ١٣٠، وفى التبيان للطيبي ١/ ١٤٧، والمفتاح ص ٩٤، وشرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٥٢ ونسبهما لأبى الأسود الدؤلي، وفى دلائل الإعجاز ص ١٤٩، والإشارات والتنبيهات ص ٣٠٣، ٣٤، وبلا نسبة في الإيضاح ص ٣٨، والتلخيص ص ١٠٩.

(٢) البيتان من الطويل ينسبان لأبى الطحان القينى، وللقيط بن زرارة، انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٧١١، وحماسة أبى تمام ٥٢٢، والتبيان للطيبي ١/ ١٤٦، والإشارات والتنبيهات ص ٣٤، والمفتاح ٩٤، وشرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٥٢، وبلا نسبة في الإيضاح ص ٣٩.

(٣) سورة النور: ١.

(٤) البيت ليزيد في شرح عقود الجمان ١/ ٥٢.

(٥) سورة البقرة: ١٨.

(٦) سورة القارعة: ١٠ - ١١.