عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

[الجزء الأول] أحوال المسند إليه

صفحة 203 - الجزء 1

  ٢ - أو النوعيّة؛ نحو: {وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ}⁣(⁣١).

  ٣ - أو التعظيم.

  ٤ - أو التحقير؛ كقوله [من الطويل]:

  له حاجب في كلّ أمر يشينه ... وليس له عن طالب العرف حاجب


  الثاني: أن يراد به نوع مخالف للأنواع المعهودة كقوله تعالى: {وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ}⁣(⁣١)، أي نوع غريب من الغشاوة لا يتعارفه الناس بحيث يغطى ما لا يغطيه شئ من الغشاوات، ولك أن تقول: يحتمل أن يكون إنما نكر للتعظيم، وبذلك جزم السكاكى ومثل في الإيضاح بالنسبة إلى غير المسند إليه من تنكير الإفراد بقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ}⁣(⁣٢) وللنوعية بقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ}⁣(⁣٣) ولا بد أن تكون تلك الحياة مستقبلة، لأن الحرص لا يكون على الماضي ولا الحاضر، ولك أن تقول: جاز أن يكون للتعظيم أو التكثير قال: وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ}⁣(⁣٤) يحتملهما النوعية، بمعنى خلق كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء، أو كل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف، فإن قلت: إنما دلالة كل على الأفراد فكيف تدل على النوعية، قلت: الأفراد أعم من أفراد الأنواع وأفراد الأشخاص، فإن قلت: كيف تختلف أنواع المياه وهى النطف، قلت: أجيب عنه بأنها تختلف باختلاف أنواع ما انفصلت عنه.

  الثالث: أن ينكر للتعظيم بمعنى أن المسند إليه أعظم من أن يعين ويعرف، وفى الإيضاح للتعظيم أو التهويل وهو قريب.

  الرابع: أن يكون التحقير بمعنى انحطاط شأنه إلى حد لا يمكن أن يعرف، ومثل في الإيضاح للتعظيم والتحقير بقول ابن أبي السمط وهو مروان بن أبي حفصة:

  له حاجب في كلّ أمر يشينه ... وليس له عن طالب العرف حاجب⁣(⁣٥)


(١) سورة البقرة: ٧.

(٢) سورة الزمر: ٢٩.

(٣) سورة البقرة: ٩٦.

(٤) سورة النور: ٤٥.

(٥) البيت من الطويل، وهو لأبى الطمحان القينى في ديوان المعاني ١/ ١٢٧، ولابن أبى السمط في معاهد التنصيص ١/ ١٢٧، ولمروان بن أبي حفصة في شرح شواهد المغنى ص ٩٠٩ نقلا عن أمالي القالى، وبلا نسبة في أمالي القالى ١/ ٢٣٨، ومغنى اللبيب ص ٥٧٧، وقبله:

فتى لا يبالي المدلجون بثوره ... إلى بابه ألا تضئ الكواكب