الفن الأول: علم المعاني
  ٥ - أو التكثير؛ كقولهم: إنّ له لإبلا، وإنّ له لغنما.
  ٦ - أو التقليل؛ نحو: {وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}(١).
  أي له حاجب عظيم، وليس له حاجب حقير ويجوز أن يقال: نفى الحاجب الحقير فهم من عموم النكرة في سياق النفي، ويجاب بأن جعل النفي للحقير لينفى غيره من باب الأولى أنسب، وقوله: في كل أمر يحتمل أن يكون المفعول محذوفا معدى بعن التقدير له حاجب عن كل أمر يشينه، ويكون في كل أمر يشينه المذكور متعلقا بما تعلق به من الاستقرار، ويحتمل أن يكون عداه بفى إشارة إلى أن الأمر الذي يشين له حاجب يحجبه عن فعله، واستعمل في الثاني عن لأنه لا يقال في طالب العرف:
  حاجب، ويقال في الذي يشين ما يجلب إليه أو يحجب، فليتأمل، ويحسن التمثيل لاجتماع تنكيرى التعظيم والتحقير ببيت على روى هذا البيت وهو قوله:
  وللهو منّى والخلاعة جانب ... ولله منّى جانب لا أضيعه
  الخامس: أن ينكر للتكثير، بمعنى أن ذلك الشئ كثير حتى إنه لا يحتاج لتعريف، كقولهم: إن له لإبلا وإن له لغنما، وحمل الزمخشري التنكير في قوله تعالى: {قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً}(٢).
  السادس: التقليل نحو قوله تعالى: {وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}(١) أي رضوان قليل أكبر، ليدل على غيره من باب الأولى، وعد الزمخشري منه: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}(٣)؛ أي قليلا أي بعض ليل، وأورد عليه أن التقليل رد الجنس إلى فرد من أفراده، لا تنقيص فرد إلى جزء من أجزائه، وفيه نظر، لأن التقليل لو عنى به فرد لكان هو تنكير الأفراد الدال على الوحدة، وإنما التقليل أعم من الأفراد، لأن القليل يصدق على الثلاثة بالنسبة إلى المائة، وأما قوله: إن التقليل لا يرد الشئ إلى جزء حقيقته فصحيح؛ لكن لا نسلم أن الليل حقيقة في جميع الليلة؛ بل كل جزء من أجزائها يسمى ليلا؛ غير أن إطلاق بعض الليل على قولنا: ليلا، ليس بظاهر، فإن كل بعض فيه ليل فلا يتبعض، إلا أن يقال: بعض الليل يسمى ليلا باعتبار نفسه، وبعض ليلة باعتبار الليل كله، فسماه: ليلا قليلا
(١) سورة التوبة: ٧٢.
(٢) سورة الأعراف: ١١٣.
(٣) سورة الإسراء: ١.