الفن الأول: علم المعاني
  وقوله [من المنسرح]:
  نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرّأى مختلف
  ويبقى تركها سالما عن المعارض، وإما أن يكون (قيار) معطوفا على اسم إن على الموضع كما قال الجوهري، إن جوزنا العطف على اسم إن بالرفع قبل خبرها على مذهب الكسائي(١) فقد يقال: بجواز دخول اللام، وقد يمتنع أن يكون خبرا عن المعطوف؛ لأنه وإن كان معطوفا على اسمها فرفعه يلحقه بالمبتدأ في الحكم، ومن حكم المبتدأ المجرد أن لا تدخل اللام على خبره، فكذا هنا، ثم إن كانت (إن) عاملة في خبرها يلزم عليه أن يعمل في معمول واحد عاملان؛ لأن غريبا حينئذ يكون مرفوعا بقيار ومرفوعا بأن، فلا يصح على هذا أن يكون (غريب) خبرا عنهما إلا أن يقال: إن المعطوف على اسم إن بالرفع باق على اسميتها وليس بمبتدأ وهذا موجود فيما لو جاء: إني وقيار غريب، على أن قيار مبتدأ وغريب خبر عنهما.
  (فائدة): هذا البيت لضابئ بن الحارث وقيار فرسه، وأنشده سيبويه(٢) في باب التنازع، والمبرد في الكامل قيارا بالنصب، والمقصود من الحذف حاصل الثاني، أن يحذف من الأول لدلالة الثاني، كقول قيس بن الخطيم، وقيل: عمرو بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي:
  نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرّأى مختلف(٣)
(١) الكسائي: علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان الإمام، سمى الكسائي لأنه أحرم في كساء، إمام الكوفة في النحو واللغة، قرأ على حمزة، ثم اختار لنفسه قراءة، تعلم النحو على كبر، وقيل: مات سنة ثنتين - أو ثلاث وقيل: تسع - وثمانين ومائة، انظر بغية الوعاة (٢/ ١٦٣).
(٢) سيبويه: عمرو بن عثمان بن قنبر إمام البصريين سيبويه أبو بشر، سيبويه بمعنى رائحة التفاح، كان إمام أهل البصرة في القراءات والنحو واللغة، أخذ عن جماعة من التابعين وروى عن أنس بن مالك، مات سنة تسع وخمسين ومائة، انظر بغية الوعاة (٢/ ٢٣٢).
(٣) البيت من المنسرح، وهو لدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف ١/ ٩٥ وقال في الانتصاف: وليس هو لدرهم بن زيد الأنصاري.. ولكنه من كلام قيس بن الخطيم، وهو لعمرو بن امرئ القيس الخزرجي في الدرر ١/ ١٤٧، وله أو لقيس بن الخطيم في شرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ١٠٢، وبلا نسبة في الإيضاح ٨٨. والتلخيص للقزوينى ص: ٢٨.
البيت لقيس بن الخطيم يخاطب مالك بن العجلان حين رد قضاءه في واقعة الأوس والخزرج، وقبله:
يا مال والسيد المعمم قد ... يبطره بعض الرأي والسرف