عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الجزء الثاني أحوال المسند

صفحة 318 - الجزء 1

  . ... ... ... ... .....


  إنّا إذا اجتمعت يوما دراهمنا ... ظلّت إلى طرق المعروف تستبق

  فإن قوله: (منطلق) دل على أن ذلك دأبه من غير نظر إلى زمن دون آخر، و (الصباح) قيل: بالباء الموحدة، أي: المسكوك⁣(⁣١) وقيل: بالياء آخر الحروف، أي: الدرهم المضروب، وقيل: الصباح الذي يأتينا صباحا، ومن ذلك قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}⁣(⁣٢) المراد: هيئة هذا الكلب من غير نظر لوقت دون آخر، كذا مثلوه، وفيه نظر؛ لأن الاسم إذا عمل صار كالفعل يدل على التجدد، لا على الثبوت كما قررناه في غير هذا الموضع، فإن قلت: اسم الفاعل حقيقة في الحال فينبغي أن يكون منطلق للحال - قلت:

  نعم، لكنه قد يقترن به ما يراد به قطع النظر عن الزمن فيكون للحالة المستمرة، وذلك يظهر بكونه في معرض

  مدح أو ذم، ونحو ذلك. وهذا لا ينافي الحال، بل فيه الحال بقيد الاستصحاب، فإن قلت: إذا قلنا: (زيد ضارب الآن أو أمس أو غدا) لا يدل على الثبوت؛ لتقيده بالزمن الدال على التجدد، ولا سيما ضارب غدا، وإن لم يقيد بظرف فهو مصروف إلى الحال - قلت: الدلالة على التجدد عند التقييد بالظرف إنما هو بناء على أن الظرف ينفى الوقوع في غيره بالمفهوم، ولا نسلمه، كما هو قول مشهور في مفهوم الصفة، وإن كان مرجوحا فقد سلمناه، فقد يقال: إنما نعنى بالثبوت وعدم التجدد بالنسبة إلى ذلك الظرف فقولنا: (زيد ضارب غدا) معناه أن الضرب الذي سيقع منه غدا يقع ثابتا مستقرا سواء كان موجودا قبل ذلك أم لا بخلاف (زيد يضرب غدا) فإنه يدل على أنه يتجدد له في غد ضرب، فلا معارضة حينئذ بين مفهوم الظرف ودلالة الاسم على الثبوت سلمنا ذلك كله، فالاسم إنما يدل على الثبوت ما لم يعمل.

  (تنبيه): قد يستثنى من قولهم: الاسم دال على الثبوت الاسم الواقع حالا وسيأتي في كلام المصنف وغيره أنه يدل على الحصول لا الثبوت، على بحث فيه سيأتي، في


- المرشدى على عقود الجمان ١/ ١٠٦. وبلا نسبة في دلائل الإعجاز ص: ١٧٤، والإيضاح ٩٥، والتلخيص ٢٥.

(١) السّكّ: تضبيبك الباب أو الخشب بالحديد وهو السّكّى والسّكّ. والسّكّىّ: المسمار وقيل: الدينار. اللسان (سكك).

(٢) سورة الكهف: ١٨.