عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 346 - الجزء 1

  ... ... ...


  ومنها: قوله : «لو أن رجلا اطلع عليك بغير إذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح»⁣(⁣١) المعنى: لكنت فاعلا فعلا صورته ما فيه جناح ولا جناح.

  ومنها: حديث أبي برزة الأسلمي: «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك»⁣(⁣٢) والواقع أنهم ما سبوه ولا ضربوه، ويقع نظير هذا في الكلام كثيرا، تقول:

  (لو أتيت فلانا لما أساء إلىّ) ويجوز الجواب بأن يكون دفعا لما لعله يتوهم، وأن هذا الفعل لما صدر من جماعة كأنه صدر من غيرهم لاستوائهم في الإنسانية.

  ومنها قوله في الحج: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم»⁣(⁣٣) وعدم الاستطاعة ثابت، ويمكن الجواب بأنه جعلت استطاعتهم المتوهمة كأنها واقعة، أو بأن التقدير لما استطعتم ذلك بقيد وجوبه، وذلك ينتفى بعدم الوجوب كما سبق في النفاد.

  ومنها: قول أبى بكر ¥ «لو طلعت ما وجدتنا غافلين» وجوابه بما سبق أن المراد لو طلعت لوجدتنا

  غير غافلين، وامتناع ذلك بأنها لما لم تطلع لم تجدهم بالكلية.

  ومنها: قول عمر ¥ على ما نقله عنه ابن مالك وغيره: «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه»⁣(⁣٤)، وقد نسب الخطيبي هذا الكلام إلى النبي، ولم أر


(١) أخرجه البخاري في «الديات»، باب: من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، (١٢/ ٢٥٣)، (ح ٦٩٠٢)، من حديث أبي هريرة ¥.

(٢) الحديث أخرجه مسلم في «فضائل الصحابة»، باب: فضائل أهل عمان، (ح ٢٥٤٤)، من حديث أبي برزة قال: بعث رسول الله رجلا إلى حي من أحياء العرب فسبوه وضربوه، فجاء النبي فأخبره، فقال : «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك».

(٣) أخرجه مسلم في «الحج»، باب: «فرض الحج مرة في العمر»، (ح ١٣٣٧)، من حديث أبي هريرة ¥.

(٤) أورده العجلوني في «كشف الخفاء»، (٢/ ٣٢٣)، وقال: «اشتهر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من حديث عمر وبعضهم يرفعه إلى النبي ، وذكر البهاء السبكي أنه لم يظفر به بعد البحث، وكذا كثير من أهل اللغة، لكن نقل في المقاصد عن الحافظ ابن حجر أنه ظفر به في «مشكل الحديث» لابن قتيبة من غير إسناد. وقال في اللآلئ: منهم من يجعله من كلام عمر وقد كثر السؤال عنه، ولم أقف له على أصل، وسئل بعض شيوخنا الحفاظ عنه فلم يعرفه ... وقال الجلال السيوطي في» شرح نظم التلخيص «:» كثر سؤال الناس عن حديث صهيب، ونسبه بعضهم إلى النبي ، ونسبه ابن مالك في شرح الكافية وغيره إلى عمر». اه بتصرف.