الفن الأول: علم المعاني
  وعكسهما(١).
  والثاني(٢): قد يفيد قصر الجنس على شئ تحقيقا؛ نحو: زيد الأمير، أو مبالغة لكماله فيه؛ نحو: عمرو الشجاع.
  هنا التعريف المعنوي المقابل للتجهيل لا التعريف اللفظي المقابل للتنكير وقوله: «أو لازم حكم»، أي: إذا كان السامع غير جاهل بهما، ولكن قصد المتكلم إعلامه بأنه يعرف أحدهما وحكم به على الآخر، كقولك: الذي أثنى على أنت، لمن يعلم أن الثناء نقل إليك، ولا يدرى هل تعلم أنه المثنى أو لا؟ تقديره: علمت أن المثنى أنت، وتقول: أنت المثنى علىّ، في عكسه. وقوله: (وعكسهما) هو بالخفض معطوف على المثالين، وهما أخوك زيد، والمنطلق عمرو (وقوله: والثاني قد يفيد قصر الجنس) يريد بالثاني ما فيه الألف واللام سواء كانت دخلت على المسند أم المسند إليه، فتارة لا يفيد قصر الجنس على شئ كقول الخنساء:
  إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا(٣)
  وقد يفيد قصر الجنس كقول المصنف: (على شئ) إنما لم يقل على المسند؛ لأنه تارة يفيد قصر المسند، وتارة قصر المسند إليه، وذلك في: زيد المنطلق، والمنطلق زيد. وفى كلامه نظر؛ لأن ذلك لا تختص به الألف واللام، بل الإضافة كذلك، فلا حاجة لقوله: (كذلك) فإن قولك: زيد صديقي، قد يقال: بإفادته للحصر على قول من جهة ما دل عليه من استغراق الإضافة، لا بالمعنى الذي حصل به القصر في قولنا: زيد المنطلق؛ فإن المدرك فيه الإخبار
  بالجنس، كما تنبئ عنه الألف واللام، أما الإضافة فإنها لا تنبئ عن الجنس؛ ولذلك تقول: إن قولنا: زيد المنطلق لا فرق في إفادته الاستغراق بين أن تكون الأداة فيه جنسية أو استغراقية إلا أن المدرك فيهما مختلف، وذلك تارة يكون تحقيقا، مثل: زيد الأمير، والأمير زيد، إذا لم يكن أمير سواه، وتارة مبالغة لكماله في ذلك الوصف، نحو:
  عمرو الشجاع والشجاع عمرو، وقد يقال: إن بيت الخنساء من ذلك.
(١) أي: عكس المثالين المذكورين وهما: أخوك زيد والمنطلق عمرو.
(٢) يعنى: اعتبار تعريف الجنس.
(٣) البيت من الوافر وهو للخنساء في شرح ديوانها ص: ٨٢، ودلائل الإعجاز ص: ١٨١، وشرح عقود الجمان ١/ ١٢١، والإيضاح ص: ١٠٥. وفى المطبوع: الجميل وما أثبتناه من مصادر التخريج.