الفن الأول: علم المعاني
  وقيل: الاسم متعيّن للابتداء؛ لدلالته على الذات، والصفة للخبريّة؛ لدلالتها على أمر نسبى:
  وردّ بأنّ المعنى: الشخص الذي له الصفة صاحب الاسم.
  واعلم أن (زيد المنطلق) ليس موضوعا للحصر، بخلاف (المنطلق زيد) كما تقرر في الأصول؛ فحينئذ حالة إرادة القصر في (المنطلق زيد) بوضع اللفظ وحالة إرادته في (زيد المنطلق) تحتاج لقرينة، والسكاكى قال: زيد المنطلق، والمنطلق زيد في المقام الخطابي يلزم من كل منهما أن لا يكون غير زيد منطلقا، والمقصور تارة يكون الجنس نفسه من غير اعتبار التقييد بظرف أو غيره كما سبق وقد يكون باعتبار تقييده كقولك: هو الوفي حين لا تظن نفس بنفس خيرا، وحيث أريد القصر لا يعطف عليه، فلا يقال: زيد المنطلق وعمرو؛ لأنه يلزم اجتماع القصر وعدمه، وسيأتي ذلك في باب القصر.
  وقوله: (وقيل الاسم متعين) لا يخفى أن الكلام في هذا الفصل مبنى على أصل، وهو أن المبتدأ والخبر متى كانا معرفتين فالأول هو المبتدأ، والثاني هو الخبر، هذا هو المشهور، وقيل: إن اختلفت رتبتهما في التعريف فأعرفهما المبتدأ، وإلا فالسابق.
  وقيل: أنت بالخيار أيهما شئت اجعله مبتدأ، وهو قول أبى على(١)، وظاهر قول سيبويه في باب كان. وقيل: المعلوم عند المخاطب مبتدأ، والمجهول خبر. وقيل: الأعم هو الخبر، وقيل: الاسم متعين للابتداء والوصف متعين للخبر، قاله الإمام فخر الدين(٢) في «نهاية الإيجاز»، وقال المصنف: لا يقال: زيد دال على الذات، فهو متعين للابتداء تقدم أو تأخر، والمنطلق دال على أمر نسبى فهو الخبر أبدا؛ لأنا نقول: المنطلق لا يجعل مبتدأ إلا بمعنى
  الشخص الذي له الانطلاق، وهو بهذا المعنى لا يجب أن يكون خبرا وزيد لا يجعل خبرا إلا بمعنى صاحب اسم زيد، وهو بهذا المعنى لا يجب أن يكون مبتدأ كذا قاله المصنف، وقد يقال: إن الدال على الوصفية إنما هو منطلق، أما المنطلق فالألف واللام فيه موصول بمعنى الذي وهى في الجمود والدلالة على الذات كزيد؛
(١) أبو علي: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان الإمام أبو علي الفارسي، واحد زمانه في علم اللغة، أخذ عن الزجاج وابن السراج، وله صنف الإيضاح في النحو والتكملة في التصريف، توفى سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، انظر بغية الوعاة (١/ ٤٩٦).
(٢) فخر الدين: محمّد بن عمر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ هـ صاحب كتاب نهاية الإيجاز في علم البيان، انظر كشف الظنون ٢/ ١٩٨٦.