عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

مقدمة المصنف لعروس الأفراح

صفحة 44 - الجزء 1

  والصلاة والسّلام على سيّدنا محمد خير من نطق بالصواب، وأفضل من أتى الحكمة وفصل الخطاب،


  واسكن» لمباشرة «آباؤكم وزوجك». كما تقول: تقوم هند وزيد، وإن كان زيد لا يصلح لمباشرة «تقوم» فإنه من عطف المفردات كما صرح به ابن الحاجب وغيره. وأما تصريح السهيلي في قوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}⁣(⁣١): أنه من عطف الجمل، فليس ذلك لاختلاف المتعاطفين بالتذكير والتأنيث بل لتكرار (لا) كما هو معروف عنه، والأولى في هذه أن تكون موصولة، لاقتضاء المقام ذلك.

  ص: (والصلاة والسّلام على سيدنا محمد، خير من نطق بالصواب، وأفضل من أوتى الحكمة وفصل الخطاب).

  (ش): الصلاة من الله الرحمة، ولها معان يطول ذكرها، قد أوعبنا الكلام عليها في شرح المختصر، والصلاة هذه إما من الله فتكون بمعنى الرحمة، أو من العبد فتكون معناها: صلاة العبد على النبي وهى قوله: اللهم صل عليه، وهى على التقديرين إنشاء، وكذلك الحمد، وقوله: (سيدنا) فيه استعمال السيد في غير الله سبحانه وتعالى وقد روى نحوه عن ابن مسعود، وابن عمر ¤، ويشهد له قوله : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»⁣(⁣٢)، «إن ابني هذا سيد»⁣(⁣٣)، «قوموا إلى سيدكم»⁣(⁣٤)، وقوله تعالى: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً}⁣(⁣٥)، وقوله تعالى: {وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ}⁣(⁣٦)، وفى المسألة ثلاثة أقوال، حكاها ابن المنير في المصفى أحدها: أن السيد يطلق على الله وعلى غيره، والثاني: أنه لا يطلق على الله تعالى، وعزاه لمالك، والثالث: أنه لا يطلق إلا على الله بدليل ما روى أنه قيل له: يا سيدنا فقال: «إنما السيد الله»⁣(⁣٧) ولا أدرى كيف غفل هذا القائل عما تقدم من الآيات والسنة، ونقل في الأذكار عن


(١) سورة البقرة: ٢٥٥.

(٢) «صحيح» أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد، وانظر صحيح الجامع (ح ١٤٢٨).

(٣) أخرجه البخاري في «الصلح»، (٥/ ٣٦١)، وفى غير موضع من صحيحه.

(٤) أخرجه مسلم في «الجهاد والسير»، (ح ١٧٦٨).

(٥) سورة آل عمران: ٣٩.

(٦) سورة يوسف: ٢٥.

(٧) «صحيح» أخرجه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن الشخير، وانظر صحيح الجامع (ح ٣٧٠٠).