أنواع الإنشاء
  ثم إن هذه الكلمات كثيرا ما تستعمل في غير الاستفهام؛ كالاستبطاء؛ نحو: كم دعوتك؟،
  ثم بين «متى» و «أيان» عموم وخصوص فإن متى أعم، وأي وما بينهما عموم وخصوص من وجه كما سبق، وأما البقية فالظاهر أنهما متباينان، وإن تلازم بعضها فإن قلت: قد قال المنطقيون: إن مقولة الكم أعم من مقولة الكيف وجودا، ويلزم منه أن يكون المسؤول عنه بكم أعم من المسؤول عنه بكيف، إما مطلقا أو من وجه. قلت: [لا شك أن الكم كيف لا كون تريد طوله على وجه مخصوص هو كم، وهو كيف](١)، ولكن لفظ كم لا يصلح أن يحل موضعه لفظ كيف، والأخص قد يوجد على وجه يستعمل له لفظ لا يستعمل له اللفظ الموضوع للأعم، ألا ترى أنك لا تقول: كم زيد إلا إذا أردت أجزاءه، وأنها لا تستعمل إلا مع متعدد أو ذي أجزاء يصح إرادة كل منها بخلاف كيف، ولا تكاد العرب تجيز كيف دراهمك تريد كم عددها، وأيضا لو كانت «كيف» بمعنى «كم» لصح أن تقول في نحو:
  كم عمة لك يا جرير وخالة
  كيف عمة لك، وهو ظاهر الامتناع لتغاير المعنى.
هذه الكلمات تستعمل كثيرا في غير الاستفهام:
  ص: (ثم هذه الكلمات كثيرا ما تستعمل في غير الاستفهام).
  (ش): يعنى أن هذه الكلمات الموضوعة للاستفهام قد تستعمل في غيره مجازا، فمن ذلك الاستبطاء كقولك: كم أدعوك، لمن أكثرت من دعائه، ويحتمل أن يكون أريد به النهى عن التأخر، والأحسن أن يجعل الفعل مضارعا، فيقال: كم أدعوك؛ لأنه أدل على بقاء الطلب والاستبطاء، بخلاف دعوتك قد يصدر من موبخ قد انقطع غرضه من إجابة دعائه، أو بعد تعذر الإجابة، وكلام المصنف يقتضى أن ذلك لا يختص به «كم»؛ لأنه قال في الإيضاح: وعليه قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ}(٢)، وكلام الخطيبي يقتضى أنه فهم أن ذلك في «كم» فقط، وليس كما قال، ومن ذلك التعجب، ونعني ما ليس معه توبيخ، وهو
(١) كذا عبارة الأصل.
(٢) سورة البقرة: ٢١٤.