الفن الأول: علم المعاني
  ... ... .....
  الكلام فيه من غرضنا، وقال في قوله تعالى: {وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}(١): هي صفة لقوله تعالى: سَبْعَةٌ وهى الداخلة على الجملة الواقعة صفة لنكرة، كما تدخل على الجملة الواقعة حالا وما ذكره ضعيف؛ لأن الحال يخالف الصفة بتقدمها على صاحبها ومخالفتها له في الإعراب ولتخالفهما بالتعريف والتنكير غالبا ذكره ابن مالك، وأيضا فإن الواو إنما دخلت بين الحال وصاحبها؛ لأن الحال في معنى الجملة، فإن معنى:
  جاء زيد راكبا جاء وهو راكب بخلاف جاء زيد الراكب، نقله الطيبي ثم رده وقال:
  الصواب العكس، وعندي أن الصواب في الأول وسنفصل بين الكلامين عند الكلام على الجمل الحالية - إن شاء الله
  تعالى - وقد صرح ابن الحاجب في الأمالي بما قلناه: من عدم عطف الصفة على الموصوف، وقد قدمنا الإشارة إلى شئ من ذلك، واختار الطيبي صحة قول الزمخشري في دخول الواو بين الصفة والموصوف، وزعم أنها سلبت معنى التغاير وصارت للربط فقط، فتكون بمعنى الباء، فإن صاحب اللباب نقل عن سيبويه:
  أن الواو بمعنى الباء في قوله: بعت الشاء شاة ودرهما أن معناه: بدرهم، ووجهه: أن الواو للجمع والاشتراك والباء للإلصاق، والجمع والإلصاق، من واد واحد، ويكون خروج الواو عن التغاير، كما فعل بالهمزة وأم في قوله ø: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(٢) وبالنداء في: أيتها العصابة انتهى، وقال ابن الحاجب في أماليه - بعد أن قرر أنه لا تقع الواو بين الصفة والموصوف -: إن وثامنهم كلبهم عطف خبر على خبر؛ لأن الأخبار يعطف بعضها على بعض كقولك: زيد قائم وعالم، وأما جاء رجل ومعه آخر فإما أن يكون من عطف جملة على جملة أو آخر معطوف على رجل، ومن ذلك قوله: عليك ورحمة الله السّلام، لا يتوهم أن الواو وقعت بغير عطف؛ لأنه في نية التقديم والتأخير وأما {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(٣) فتقديره: ارهبوا فارهبون، وأما قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا}(٤) فقال الزمخشري: معناه تكذيب على تكذيب وقولك:
  أعجبني زيد وعلمه، فالعطف فيه للدلالة على أن لذات زيد مدخلا في أن يتعجب منه، وليس كقولك: أعجبني زيد علمه فهو كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
(١) سورة الكهف: ٢٢.
(٢) سورة البقرة: ٦.
(٣) سورة البقرة: ٤٠.
(٤) سورة القمر: ٩.