الفن الأول: علم المعاني
  وأما ما جاء من نحو: قمت وأصكّ وجهه، وقوله [من المتقارب]:
  فلمّا خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنهم مالكا
  كما جاز جاء، موصوفا بكونه ضرب، قلنا: لأن الموصوف بالماضي وصف بأمر قد ثبت واستقر فهو قوى؛ ولذلك ذهب قوم إلى أن إطلاق اسم الفاعل باعتبار الماضي حقيقة وباعتبار المستقبل ضعيف؛ ولذلك اتفقوا على أنه مجاز، وأورد عليه الشارح الخطيبي: الجملة الاسمية مثل: جاء زيد والشمس طالعة، فإنها إذا وقعت حالا خرجت عن الثبوت وصارت للتجدد، والذي قاله صحيح إلا أنه قاصر، والصواب أن يورد عليه كل حال وتمثيله بقوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}(١) برفع الراء صحيح وما ذكره هو الظاهر، وجوز الزمخشري فيه. أن يكون أصله أن، فحذفت، فيظل عملها كما روى قوله:
  ألا أيّهذا الزّاجرى أحضر الوغى(٢)
  ورد عليه بأن ذلك لا يجوز إلا ضرورة، وقد يمنع فقد قيل: به في قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ}(٣) وقوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}(٤) وفى قولهم: تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه ثم شرع المصنف في تأويل ما لعله يتوهم أنه من ذلك، فقال: وأما ما جاء من نحو: قمت وأصك وجهه، ويروى عينه، وقول الشاعر وهو عبد الله بن همام السلولي:
  فلمّا خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنهم مالكا(٥)
(١) سورة المدثر: ٦.
(٢) شطر بيت لطرفة بن العبد وتمامه: وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى.
والبيت في المقاصد النحوية ٤/ ٤٠٢، والمقتضب ٢/ ٨٥، وشرح شذور الذهب ٩٨.
(٣) سورة الروم: ٢٤.
(٤) سورة الزمر: ٦٤.
(٥) البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص ٢٣١، وص ٢٤٩، وخزانة الأدب ٩/ ٣٦، والدرر ٤/ ١٥، والشعر والشعراء ٢/ ٦٥٥، ولسان العرب ١٣/ ١٨٨، (رهن)، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٨٥، والمقاصد النحوية ٣/ ١٩٠، ولهمام بن مرة في تاج العروس (رهن)، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٦٤، ورصف المباني ص ٤٢٠، وشرح الأشمونى ١/ ٢٥٦، وشرح ابن عقيل ص ٣٤٠، والمقرب ١/ ١٥٥، وهمع الهوامع ١/ ٢٤٦.