عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 560 - الجزء 1

  فقيل: على حذف المبتدأ، أي: وأنا أصكّ، وأنا أرهنهم.

  وقيل: الأوّل شاذّ والثاني ضرورة.

  وقال عبد القاهر: هي فيهما للعطف، والأصل: وصككت، ورهنت؛ عدل عن لفظ الماضي إلى المضارع؛ حكاية للحال.


  واعلم أن هذه الرواية خلاف المشهور، والذي أنشده الجوهري: وأرهنتهم مالكا، ونقل عن ثعلب أنه قال: الرواة كلهم على أرهنهم، على أنه يجوز رهنته وأرهنته إلا الأصمعي فإنه رواه: وأرهنهم واستحسنه ثعلب ذاهبا إلى أنه لا يقال: أرهنته، وإنما يقال: رهنته، وأنشده ابن سيده أيضا وأرهنهم فعلى الأول، قيل: على حذف المبتدأ التقدير: وأنا أصك وأنا أرهنهم فتكون الجملة اسمية.

  وقيل: الأول: وهو أصك شاذ، والثاني: وهو أرهنهم ضرورة؛ لأن الضرورة تكون في النظم لا في النثر، وقال

  عبد القاهر الجرجاني: ليست الجملة في واحد منهما حالا؛ بل الواو للعطف أصله: قمت وصككت ونجوت ورهنت، وعدل إلى صيغة المضارع لحكاية الحال، وهذا جواب عن كونه وقع عطف المضارع على الماضي، وجعل ذلك كقوله:

  ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني⁣(⁣١)

  فإنه أتى فيه بالفعل الماضي بصيغة المضارع لقصد حكاية الحال الماضية إلا أن المضارع هنا معطوف عليه وهناك معطوف ويدل لذلك استعمال الفاء التي لا ترتبط بها الحال مكان الواو في مثله، كقول عبد الله بن عتيك: «فأهويت نحو الصوت


(١) البيت لعميرة بن جابر الحنفي في الدرر ١/ ٨٧، وشرح التصريح ٢/ ١١، وهو منسوب لشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص ١٢٦، ولعميرة بن جابر في حماسة البحتري ص ١٧١، وخزانة الأدب ١/ ٣٥٧، ٣٥٨، ٣/ ٢٠١، ٤/ ٢٠٧، ٢٠٨، ٥/ ٢٣، ٥٠٣، ٧/ ١٩٧، ٩/ ١١٩، ٣٨٣، والخصائص ٢/ ٣٣٨، ٣/ ٣٣٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢١، ولسان العرب ١٢/ ٨١ (ثم)، ١٥/ ٢٩٦، (منى)، ودلائل الإعجاز ص ٢٠٦، والإشارات والتنبيهات ص ٤٠، والمفتاح ص ٩٩١، وشرح المرشدى ١/ ٦٢، والتبيان ١/ ١٦١ و «ثمت» حرف عطف لحقها «تاء» التأنيث، وقوله: «أمر» مضارع بمعنى الماضي لاستحضار الصورة، ورواية الكامل «فأجوز ثم أقول لا يعنيني»، والشاهد في لام «اللئيم»؛ لأن المراد منه واحد غير معين.