الفن الأول: علم المعاني
  ونحو: {وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}(١)؛ لدلالته على المقارنة؛ لكونه مضارعا، دون الحصول؛ لكونه منفيّا.
  وكذا إن كان ماضيا لفظا أو معنى؛ كقوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ}(٢) وقوله: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}(٣)،
  بغانى مصعب وبنو أبيه ... فأين أحيد عنهم لا أحيد
  أقادوا من دمى وتوعّدونى ... وكنت وما ينهنهنى الوعيد(٤)
  ومحل الشاهد البيت الثاني لا الأول، فإن «لا أحيد» ليس جملة حالية، وكذلك أنشد:
  أكسبته الورق والبيض أبا ... ولقد كان ولا يدعى لأب(٥)
  وأنشده ابن الزملكانى وغيره: أكسبته الزرق، والبيض أبا. أراد: الرماح، والسيوف، ويحتمل أن يكون حذف المبتدأ، واستدل المصنف على تركها بقوله تعالى:
  وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وهو غنى عن الاستدلال؛ لكثرته، وللإجماع عليه، وألحق السكاكى المضارع المنفى بما بالمنفى بلا وهو أولى لدلالتها على الحال.
  (سؤال) كيف يجتمع قول سيبويه إن الفعل المضارع إذا نفى بلا يختص به المستقبل وقوله: إن المضارع المنفى بلا يقع حالا، وقوله وقول غيره: إن الجملة المفتتحة بدليل استقبال لا تقع حالا.
  ص: (وكذا إن كان ماضيا إلى آخره).
  (ش): يعنى إذا كان الماضي لفظا أو معنى جاز الأمران من غير ترجيح فإثبات الواو كقوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ}. وتركها كقوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ وهما مثالان للماضى لفظا ومعنى: أما حصرت فواضح، وأما بلغني فلأنها حال من اسم يكون، وهو مستقبل المعنى فهو ماض بالنسبة
(١) سورة المائدة: ٨٤.
(٢) سورة آل عمران: ٤٠.
(٣) سورة النساء: ٩٠.
(٤) البيتان من الوافر، وهما لمالك بن رقية في شرح التصريح ١/ ٣٩٢، والمقاصد النحوية ٣/ ١٩٢، وبلا نسبة في شرح الأشمونى ١/ ٢٥٧.
(٥) البيت من الرمل، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص ٢٢، وسمط اللآلي ص ٣٥٢، وشرح التصريح ١/ ٣٩٢، والمقاصد النحوية ٣/ ١٩٣، وبلا نسبة في شرح الأشمونى ١/ ٢٥٧.