الفن الثاني علم البيان
  
  السادس: في تعداد صيغ التشبيه على ما ذكره المصنف من أن كل ما كان بمعنى مثل وشبه أداة تشبيه، فمن أدوات التشبيه: الكاف، وكأن، وياء النسب، ومثل، ومثيل، وشبه، وشبيه، ونحو، - ذكره جماعة منهم ابن النحاس النحوي الحلبي، وقل من صرح به من أهل اللغة وإن كان مشهورا في الاستعمال - ومثيل، وضريب، وشكل، ومضاه، ومساو، ومحاك، وأخ، ونظير، وعدل، وعديل، وكفء، ومشاكل، وموازن، ومواز، ومضارع، وند، وصنو، وما كان بمعناها أو كان مشتقا منها من فعل أو اسم. وأشار الطيبي إلى أن من أدوات التشبيه أفعل التفضيل، مثل: زيد أفضل من عمرو، وفيه بعد وإن كان يشهد له ما سيأتي من كلام ابن الشجري، ومن أدوات التشبيه: لعل، ففي البخاري في قوله تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}(١) عن ابن عباس: معناه كأنكم. وفي الكشاف معناه:
  ترجون الخلود في الدنيا، أو تشبه حالكم حال من يخلد، وفي مصحف أبى (كأنكم تخلدون) وقال الطيبي: لعل هذا وارد على الاستعارة التمثيلية، وجعل عبد اللطيف البغدادي من أدوات التشبيه كلمة سواء، كقولهم: رأيت رجلا سواء هو والعدم، ولا يخفى أن هذه الألفاظ بعضها يصلح للتشبيه وبعضها يصلح للمشابهة، لكن اسم التشبيه قد يطلق على الجميع.
  السابع: لم يحرر البيانيون معنى هذه الأدوات فظاهر كلامهم أن معناها واحد وليس كذلك، فإن الكاف وكأن وكذلك مثل للتشبيه في أي شئ كان لا تختص بنوع دون آخر كما صرح به الراغب في مادة الند، وحيث وقع في كلامه أو كلام غيره أنها عامة في كل شئ فهو على إرادة العموم البدلي لا الاستغراقي، قال: والند المشارك في الجوهرية فقط، وقال في موضع آخر: في الجنسية والشكل لما يشاركه في القدر والمساحة، كذا ذكره في مادة المثل، وقبل في مادة شكل في الهيئة والصورة وهو قريب من الأول، والضريب هو الشكل، والشبه المشارك في الكيفية، كاللون والطعم وكالعدالة والظلم، كذا ذكره الراغب وفيه نظر لما سيأتي.
(١) سورة الشعراء: ١٢٩.