وهي ضربان: معنوى، ولفظي:
الرجوع
  ومنه: الرجوع؛ وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض لنكتة؛ كقوله [من البسيط]:
  قف بالدّيار الّتى لم يعفها القدم ... بلى وغيّرها الأرواح والدّيم(١)
  (ومنه) أي من المعنوي (الرجوع وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض لنكتة كقول زهير:
  قف بالدّيار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيّرها الأرواح والدّيم(٢))
  قيل: لما وقف بالديار حصلت له كآبة أذهلته، فأخبر بما لم يتحقق، فقال: لم يعفها، ثم رجع إليه عقله فتدارك كلامه، فقال: بلى وغيرها الأرواح والديم، كذا قالوه، وليس مرادهم ما هو ظاهر العبارة من أنه غلط، ثم استدرك؛ لأن ذلك يكون غلطا لا بديع فيه؛ بل المراد أنه توهم الغلط، وإن كان قاله عن عمد، إشارة إلى تأكيد الإخبار بالثاني، لأن الشئ المرجوع إليه يكون تحققه أشد، ونحوه:
  فأفّ لهذا الدّهر لا بل لأهله(٣)
  وقول الحماسى:
  أليس قليلا نظرة إن نظرتها ... إليك؟! وكلا ليس منك قليل(٤)
  كذا ذكره في الإيضاح، وفيه نظر؛ لأن القليل الأول المثبت، هو باعتبار القلة الحقيقية، والقليل الثاني المنفى باعتبار الغنى والسرف، فلم يتواردا على معنى واحد، فلا رجوع.
(١) البيت لزهير ديوانه ص ١٤٥، الجرجاني في الإشارات ص ٢٧١.
(٢) البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٤٥، ولسان العرب ٥/ ٤٨٨ «وا»، وتهذيب اللغة ١٥/ ٦٧٢، وتاج العروس «وا»، والإيضاح بتحقيقى ص: ٣١١.
(٣) الإيضاح بتحقيقى ص: ٣١٢.
(٤) البيت من الطويل وهو ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص ٩٧، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٤١، وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ٤٠٢، والإيضاح بتحقيقى ص: ٣١١.