عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

المحسنات اللفظية

صفحة 304 - الجزء 2

  وإذا تساوى الفاصلتان: فإن كان ما في إحدى القرينتين أو أكثره مثل ما يقابله من القرينة الأخرى في الوزن، خصّ باسم المماثلة؛ نحو: {وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣(⁣١)، وقوله [من الطويل]:

  مها الوحش إلّا أنّ هاتا أوانس ... قنا الخطّ إلّا أنّ تلك ذوابل

القلب

  ومنه: القلب؛ كقوله [من الوافر]:

  وهل كلّ مودّته تدوم ... مودّته تدوم لكلّ هول


  أكثر مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن خص باسم المماثلة نحو: {وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ}، {وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} وفيه نظر لجواز أن يكون: {وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} جزء الفاصلة، ويكون آخرها (وتركنا عليهما في الآخرين) هذا هو الظاهر، فلا تكون تلك فاصلة غير مقفاة، نعم يصح التمثيل بالبيت المذكور، وهو لأبى تمام:

  مها الوحش إلّا أن هاتا أوانس ... قنا الخطّ إلا أن تلك ذوابل⁣(⁣٢)

  القلب: ص: (ومنه القلب إلخ).

  (ش): من وجوه التحسين القلب، وهو أن يكون الكلام إذا قلبت حروفه، لم تتغير قراءته، وهو غير القلب السابق في التجنيس، وغير القلب السابق في علم المعاني، ومثله المصنف بقوله، أي الأرجانى:

  أحبّ المرء ظاهره جميل ... لصاحبه وباطنه سليم

  مودّته تدوم لكلّ هول ... وهل كلّ مودّته تدوم⁣(⁣٣)

  فإنه يمكن أن يقرأ من آخره لأوله، كما يقرأ من أوله لآخره، ويرد عليه أمور:

  أحدها، أن تشديد دال مودته، وتخفيف دال تدوم يتعذر معهما القلب، لكنه ماش


(١) سورة الصافات: ١٧ - ١٨.

(٢) البيت من الطويل، وهو لأبى تمام في شرح ديوانه (ص ٢٤١)، والإشارات (ص ٣٠٣)، والطراز (٢/ ٤)، والمصباح (ص ١٧٢).

(٣) البيتان من الوافر، ولم أجد إلا الثاني في شرح عقود الجمان (٢/ ١٦٣).