عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

المحسنات اللفظية

صفحة 305 - الجزء 2

  وفي التنزيل: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}⁣(⁣١)، {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}⁣(⁣٢)


  على اصطلاحهم من أن المشدد كالمخفف، وقد تقدم الاعتراض عليه. الثاني أن واو الضمير في مودته تمنع من القلب، لأنها تكون عند القلب فاصلة بين التاء والهاء من مودته. الثالث، أن الحركات واختلافها يمنع القلب، وانقلاب المحرك ساكنا وعكسه، ومثله المصنف بقوله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ} والتمثيل به سالم من السؤال الثاني دون الأول، وقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي من غير مراعاة الواو، وهو أصح الأمثلة، لا غبار عليه، ومثله في الإيضاح بقول العماد الكاتب للقاضي: «الفاضل سر فلا كبابك الفرس» وجواب الفاضل له بقوله: «دام علا العماد» فأما كلام العماد فلا يصح القلب فيه، لأن ألف «فلا» تسقط في القلب للوصل، وألف الفرس الساقطة للوصل تعود في القلب، فلا ينقلب بحاله أبدا، وفيه تغيير الحركات كما سبق، وأما جواب الفاضل، فعليه السؤالان - أيضا - لأن ألف العماد في أحد التركيبين دون عكسه، والحركات تتغير، وأنشدوا أيضا:

  عج تنم قربك دعد آمنا ... إنما دعد كبرق منتجع⁣(⁣٣)

  وهو فاسد، فإن آمنا لا ينقلب، إنما أبدا لما لا يخفى، فإن آمنا ألف بعد الهمزة، ونون واحدة، وليس في آخرها ألف، وليس كذلك، إنما هذا الذي ذكره المصنف هو قلب الحروف، وبقي عليه نوع آخر يقال له: قلب الكلمات كقوله:

  عدلوا فما ظلمت لهم دول ... سعدوا فما زالت لهم نعم

  بذلوا فما شحت لهم شيم ... رفعوا فما زلت لهم قدم⁣(⁣٤)

  فهو دعاء لهم، فإذا انقلبت كلماته صار دعاء عليهم، وهو:

  نعم لهم زالت فما سعدوا ... دول لهم ظلمت فما عدلوا

  قدم لهم زلت فما رفعوا ... شيم لهم شحت فما بذلوا⁣(⁣٥)


(١) سورة يس: ٤٠.

(٢) سورة المدثر: ٣.

(٣) البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في شرح عقود الجمان (٢/ ١٦٣).

(٤) البيت من الكامل، وهما بلا نسبة في شرح عقود الجمان (٢/ ١٦٣).

(٥) البيتان من الكامل، وهما بلا نسبة في شرح عقود الجمان (٢/ ١٦٣).