عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثالث: علم البديع

صفحة 323 - الجزء 2

  وفي معناه: أن يبدل بالكلمات كلّها أو بعضها ما يرادفها.

  وإن كان مع تغيير لنظمه أو أخذ بعض اللفظ، سمّى: إغارة ومسخا.

  فإن كان الثاني أبلغ؛ لاختصاصه بفضيلة: فممدوح؛ كقول بشّار [من البسيط]:

  من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطّيّبات الفاتك اللّهج


  حتى أنشده ما أنشده عبد اللّه، فأقبل معاوية على عبد اللّه، وقال: ألم تخبرني أنهما لك؟ فقال: المعنى لي واللفظ له، وبعد فهو أخي من الرضاعة وأنا أحق بشعره. قلت: والذي يتفق له ذلك إن ادعى أن هذا النظم له كان كاذبا، وإن لم يدع، فهذا ليس بسرقة بالكلية (وفي معناه) أي معنى ما أخذ اللفظ كله مع المعنى وكان مذموما (أن يبدل بالكلمات، أو بعضها ما يرادفها) لأن المترادفين كاللفظ الواحد، كقول امرئ القيس:

  وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون: لا تهلك أسى وتجمّل⁣(⁣١)

  وقول طرفة:

  وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون: لا تهلك أسى وتجلّد⁣(⁣٢)

  قلت: وفي تسميته سرقة نظر، فإن الظاهر أن هذا من تطابق الخواطر والتوارد، إلا أن ابن السكيت عده في السرقات. قوله: (وإن كان) أي ذلك الأخذ (مع تغيير لنظمه أو أخذ) المعنى مع (بعض اللفظ سمى) ذلك اللفظ (إغارة ومسخا)، ومنهم من جعل المسخ إعارة الصورة الحسنة قبيحة، والمشهور الأول وإذا قلنا به (ف) ذلك قسمان: (إن كان الثاني) أي كلام السارق (أبلغ) من الأول، أي المسروق منه (لاختصاصه) أي اختصاص الثاني (بفضيلة) كالإيضاح، أو الاختصار، أو حسن السبك أو زيادة معنى، (ف) هو (ممدوح) أي مقبول (كقول بشار) أولا:

  من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللّهج⁣(⁣٣)


(١) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه (ص ١١١ / الكتب العلمية)، وشرح المعلقات السبع (ص ٥)، وشرح المعلقات العشر (ص ٥٨)، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٢٦٨)، والطراز (٣/ ١٩١).

(٢) البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في معلقته، المعلقات السبع (ص ٣٥)، والمعلقات العشر (ص ٦٩)، والطراز (٣/ ١٩١).

(٣) البيت من البسيط، وهو لبشار بن برد في الأغانى (٣/ ١٩٦)، (١٩/ ٢٧٨، ٢٧٩، ٢٨٠)، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٧٨)، والإشارات (ص ٣٠٩).