وقول ابن عباد⁣^(⁣١) [من مجزوء الرمل]:

  قال لي: إنّ رقيبى ... سيّئ الخلق فداره

  قلت: دعني وجهك الج ... نّة حفّت بالمكاره⁣^(⁣٢)

  وهو ضربان؛ ما ينقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي كما تقدّم، وخلافه كقوله⁣^(⁣٣) [من الهزج]:

  لئن أخطأت في مدحي ... ك ما أخطأت في منعى

  لقد أنزلت حاجاتى ... بواد غير ذي زرع

  قال لي إن رقيبى ... سيّئ الخلق فداره

  قلت دعني وجهك الج ... نة حفت بالمكاره

  فإنه مقتبس من قول النبي ﷺ: حفت الجنة بالمكاره⁣^(⁣٤) قيل: وقد يكون الاقتباس بتضمين شئ من الفقه، أو الأثر، أو الحكمة. فالفقه كما روى عن الشافعي، ولم يصح عنه:

  خذوا بدمي هذا الغزال فإنه ... رماني بسهمي مقلتيه على عمد

  ولا تقتلوه إنني أنا عبده ... ولم أر حرا قط يقتل بالعبد

  وفيه نظر، لأن هذا أولى بأن يعد من التلميح، وأما أخذ الأثر فهو من العقد، وسيأتي، وقد يقال: القسم الذي قبله - أيضا - من العقد.

  (ثم الاقتباس نوعان): أحدهما (ما لم ينقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي) قبل الاقتباس إلى معنى غيره، كالأمثلة السابقة (و) الثاني (خلافه)، وهو ما نقل عن معناه قبل الاقتباس، كقول ابن الرومي:

  لئن أخطأت في مديحك ... ما أخطأت في منعى

  لقد أنزلت حاجاتى ... بواد غير ذي زرع

(١) أوردهما الطيبي في التبيان ٢/ ٤٥٥ بتحقيقى، وعزاهما للصاحب.

(٢) جزء من حديث صحيح رواه البخاري في الفتن باب ٢، والأحكام ٤٣، ومسلم في الإمارة ٣٤، ٤١، ٤٢ وغيرهما.

(٣) أوردهما الجرجاني في الإشارات ص ٣١٦، وهما لابن الرومي. وقوله: بواد غير ذي زرع اقتباس من سورة إبراهيم آية ٣٧.

(٤) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه «كتاب الجهاد والسير»، باب: في غزوة حنين، (ح ١٧٧٧) من حديث سلمة بن الأكوع.