الفن الأول: علم المعاني
  الفنّ الأوّل علم المعاني وهو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال.
الفن الأول: علم المعاني
  ص: (الفن الأول علم المعاني وهو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال).
  (ش): إنما قدم هذا على علم البيان والبديع؛ لأنه منهما كالأصل للفرع. قال الخطيبي: علم المعاني يبحث عما يعرف منه كيفية تأدية المعنى باللفظ، وعلم البيان يبحث عما يعلم منه كيفية إيراد ذلك المعنى في أفضل الطرق دلالة عقلية. فنسبة علم المعاني إلى علم البيان نسبة المفرد إلى المركب، ولذلك قدم عليه. قلت: فيه نظر لجواز أن يكون العلم اسما لذلك الجزء وتطبيق الكلام شرط له، وسيأتي تحقيق هذا الموضع، وما عليه أول علم البيان. وقوله: (علم) جنس وليس المراد منه هنا الصفة الموجبة لتمييز لا يحتمل النقيض؛ بل المراد منه أمور اصطلاحية وأوضاع يتوصل بها إلى معرفة غيرها، ويشهد له قوله فيما بعده: وينحصر في ثمانية أبواب فإن المنحصر المعلوم لا العلم.
  وقوله: (يعرف به أحوال اللفظ) أي: كلها، وإنما قال: يعرف، ولم يقل: يعلم؛ لأن الأحوال التي ينسب العرفان هنا إليها جزئية، والعرفان تختص به الجزئيات؛ لكونها تشبه البسيط، والعلم يشمل الكليات لشبهها بالمركبات،
  والعلم يتعلق بالنسب، والمعرفة تتعلق بالذوات، وقد وافق المصنف ابن سينا في حده للطب: بأنه علم يعرف به إلخ.
  واشتهر أن المعرفة تستدعى تقدم جهل فلا يوصف بها البارئ ø، بخلاف العلم. وصرح القاضي أبو بكر في التقريب والإرشاد، بأن المعرفة تستدعى تقدم جهل، وقيل: المعرفة تستدعى تدقيقا وتأملا دون العلم. فيقال: عرف فلان الله، ولا يقال:
  علمه، ويقال: علم الله، ولا يقال: عرف نقله الرافعي في التذنيب، وذكر الآمدي في أبكار الأفكار نحوه، وقال الراغب أيضا: فالمعرفة تتعلق بالبسيط، والعلم بالمركب؛ ولذلك يقال: عرفت الله لا علمته اه.
  وهذه العبارة توهم إطلاق اسم البسيط عليه ø وليس كذلك، فكان من حقه أن يقول: العلم يتعلق بالمركب والمعرفة بغيره، بسيطا كان أم غيره، وقوله: