مقدمة في بيان معنى الفصاحة والبلاغة.
  أو يدرك بالحسّ، وهو ما عدا التعقيد المعنوىّ.
  وما يحترز به عن الأوّل(١): علم المعاني.
  وما يحترز به عن التعقيد المعنوىّ: علم البيان.
  وما يعرف به وجوه التحسين: علم البديع.
  وكثير(٢) يسمّى الجميع: علم البيان.
  وبعضهم يسمّى الأول: علم المعاني، والأخيرين: علم البيان، والثلاثة: علم البديع.
  قوله: (أو يدرك بالحس، وهو ما عدا التعقيد المعنوي) أي من تنافر الحروف والتئامها(٣) وضعف التأليف وقوته لا يقال: ضعف التأليف إنما يعلم من النحو؛ لأنا نقول: المعنى يتعقد بعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، إلا أنه يرد عليه حينئذ أن ذلك من النحو، وأنه ليس بحسى لفظي؛ لأن المدعى أن ضرب غلامه زيدا تعقيد لفظي؛ لا معنوي ففيه نظر.
  وقوله: (وما يحترز به عن الأول) أي عن الخطأ في تأدية المعنى المراد علم المعاني، (وما يحترز به عن التعقيد المعنوي علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين علم البديع) مناسبة هذه الاصطلاحات واضحة إلا أن في إطلاق
  لفظ البديع على غير الله تعالى نظرا؛ لأن الراغب قال في كتاب الذريعة إلى محاسن الشريعة: إن لفظ الإبداع لا يستعمل لغير الله تعالى لا حقيقة ولا مجازا، وقد يخدش فيه قوله تعالى: {وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها}(٤) (ومنهم من يسمى الجميع: علم البيان) لما في كل من معناه اللغوي، وهو الظهور، (ومنهم من يسمى الأخيرين علم البيان) وهذا يقع كثيرا في كلام الزمخشري في الكشاف. (والثلاثة علم البديع) وعلى ذلك قول الزمخشري عند قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى}(٥) أنه من الصنعة البديعية.
(١) أي عن الخطأ في تأدية المعنى المراد.
(٢) أي كثير من الناس.
(٣) قوله: وضعف التأليف ... إلخ هذه العبارة لا تخلو من خلل فتأمل وحرر. كتبه مصححه.
(٤) سورة الحديد: ٢٧.
(٥) سورة البقرة: ١٦.