حكاية موقف الناس من إخلاص:
  قالوا: فقد نراه ها هنا يأمر ويعد ويوسوس بالقول، وذلك أنه يصل - زعموا - إلى قلوبهم منه شئ؛ ويلقى إليهم، ولا يدرون - زعموا - كيفية وصوله إليهم؟! وذلك أن الله، ø؛ قال: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}[الأعراف: ٢٧] وأنه - زعموا -: يجرى من الإنسان مجرى الدم!
  · ثم قال آخرون: صدق الله في كتابه، وهو كما قال الله، ø؛ غير أن تأويل الآيات خلاف ماتأولتم، فمن ثم غلطتم؛ إن إبليس ومن معه لا يقدرون على أن يلقوا في قلوبنا شيئاً، كما يلقى الشئ في الشئ، ولا يصل إلى قلوبنا منه شئ؛ ولا يأمرنا بشئ، لا مشافهة ولا خفاء ولا سرأ ولا علانية؛ ولم يصل إلينا منهم شئ قط؛ ولم نسمع بذلك منهم في حالة ما.
  وإنما وصلتنا الحكاية التي حكى الله، ø؛ في كتابه على لسان نبيه ÷ فأبطلت لنا الحكاية من الله، ø؛ وأخبرتنا أن إبليس، ومن أطاعه من الجن يريدون منا إتيان المعاصي وارتكاب الفواحش، وأن ذلك إرادتهم منا، وانه يرضيهم عنا إتيان ذلك؛ بحكاية الله، ø، لنا ذلك في كتابه ان ذلك من مرادهم، فالحكاية الواصلة بنا الأمر منهم لنا، كأمر الرجل لابنه ولغلامه: إفعل كذا وكذا ..!
  وبعد؛ فأخبرنا عن الله، ø، أقدر على أن يوصل الأمر بالطاعة إلى قلوبنا، من غير سفير ولامعبر ولا حكاية؟!
  فإن قالوا: إبليس أقدر على ذلك من الله ... كفروا وخرجوا من ملة الإسلام.
  وإن قالوا: الله أقدر على ذلك.