الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

إنه الهوى:

صفحة 319 - الجزء 1

  قلنا له: هذا ما لا يجوز على الله، ø؛ لأن الله، ø، خلق إبليس للعبادة لا للمعصية، وكلف بني آدم الطاعة، وجعل لهم السبيل إليها، ولو كان إبليس يقدر على وسوسة قلوبهم بلطيفة لا يعلمونها، لم يكن لهم إلى دفع ذلك سبيل؛ لدقته عليهم!

  فكيف يدفعون عن أنفسهم أمراً - زعمتم - أنه يدق ويلطف عن فطن الخليقة وأذهانهم، ثم يعطون الاستطاعة على دفع ما لا تقع عليه الاوهام، ولا تبلغه الظنون ولا تدركه الحواس؟! ..

  وما لا تدركه الحواس فلا سبيل لأحد إلى معرفته إلا الله الواحد الذي دل على نفسه معرفته بآثار صنعه الدقيق اللطيف، فما الفرق بينه وبين من خلقه؟!

  وإن قلتم: الله أقدره على ذلك.

  قلنا لكم: فقد خلق إذا ربا - على قولكم - يساويه في القدرة والقوة والعز والسلطان وهو أعدى الخلق له، وقد قال {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى].

  فلا مخرج لكم من هذه الحجج إلا بالمكابرة والمغالطة والتسوية بين الله، ø، وبين إبليس في القوة والقدرة؛ لأن الله، ø، يقول {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}⁣[الأنفال: ٢٤] ... وزعمتم - أنتم - ان إبليس يحول بين المرء وقلبه، فلا نجد فرقاً بين الله، ø، وبين عدوه الذليل الضعيف العاجز المقهور!

  فإن قلتم: إن الله أقدره على بذلك.

  قلنالكم: فاين قوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١].

  فإن قلتم: ليس هو مثله.

  قلنا لكم: من كان قادراً كقدرة الله، ø، فقد ساواه.