الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

لا يؤخذ الدين بالظن:

صفحة 280 - الجزء 1

لا يؤخذ الدين بالظن:

  الجواب؛ قال أحمد بن يحيى، ~:

  اعلم - أكرمك الله - أن هذه المخاطبة قد كثر فيها اختلاف الناس وقولهم، وذهب كل منهم إلى مذهب، على قدر عقله وظنه وخرصه، والدين لا يكون بالظن ولا بالخرص، وقد ذم الله، ø، قوماً في كتابه إذ أخبر أنهم على الخطأ والجهل؛ فقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ١١٦}⁣[الأنعام]، وقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ٢٣}⁣[النجم] وقال آخرون: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ٣٢}⁣[الجاثية]، {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ٢٨}⁣[النجم].

ينبغى الرجوع للكتاب واسعة:

  وذلك - أكرمك الله - أن الخلق تركوا معدن الهدى، واتبعوا الهوى؛ فخالفهم الردى ودانوا بالخطأ، ومالوا إلى الدنيا وتقليد الرؤساء؛ وقد قال الله، ø: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ٨٣]، وهذا قول الله، ø، الذي لا يشوبه فساد ولا طعن أهل العناد، وقد أخبر الله، ø، أنه لو رد إلى حيث أراد وافترض لعُلمَ؛ ولم تقع خلفة ولا مراء ولا جهل ولا خطأ.

  واعلم - أكرمك الله - أن القوم الذين ذكرت عنهم الكلام في أول كتابك؛ الذين اعتقدوا أن إبليس، عليه لعنة الله؛ يقدر على ان يلقى ويوصل العدة والأمر بالفحشاء إلى قلوب بني آدم، فقد أخطؤا وغلطوا وضلوا عن سواء السبيل، وأن القوم الذين ردوا عليهم و عابرا جهلهم، أهل الصواب والنشر.

  وقد فهمت ما احتجوا به، وقد أحسنوا، إلا أنهم لم يشبعوا المسائل، ولم يقروا الاحتجاج، حتى يشتفى السامع ويقطع المخالف.