الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

عودة إلى قصة «حي بن يقظان»:

صفحة 283 - الجزء 1

  فأي عسر اعظم، وأى بلاء أكبر من انه أقدر إبليس على ذلك الغلام الذي في الجزيرة بلا ذنب ولا جرم، فأضله وأغواه عن غير استحقاق!

خلق الله إبليس لطاعته وهو من الجن:

  وقد خلق الله إبليس أيضاً للطاعة ولم يخلقه للمعصية، إذ قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات] وإبليس فهو من الجن، يصدق ذلك قول الله ø: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ٥٠}⁣[الكهف].

  فتراه يخبرنا عن فسقه عن أمره باختياره، ويلومنا عن اتخاذنا له أولياء ولذريته وذلك الاتخاذ هو اتباعنا لهم على معاصيهم، وفعلنا للظلم كفعلهم.

عودة إلى قصة «حي بن يقظان»:

  رجع الكلام إلى إضلال إبليس للغلام الذي في الجزيرة.

  فنقول لهم: أخبرونا حيث خلق الله إبليس للطاعة، اليس عليه الطاعة الله، ø؛ فريضة؟!

  فإذا قالوا: بلى، قلنا لهم: فأخبرونا عن إضلاله للغلام أهو طاعة الله، ø، أو معصية؟! فإن قالوا: هو طاعة الله، ø، لزمهم - صغرة أقمياء - أن إبليس مطيع الله، ø، في إضلال الخلق، وأنه يوم القيامة؛ (على طاعة) لا على معصية؛ وفي هذا نقض القرآن، والكفر بالرحمن والخروج من الإيمان.

  وإن قالوا: إن إضلال إبليس للغلام هو معصية الله، ø. لزمهم انه قد ترك ما خلق له واتبع هواه، وخالف خالقه ووجب عذابه بمعصيته، وقالوا بالعدل.