مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة در النادي في الكشف عن خبث حسين الهادي

صفحة 141 - الجزء 1

  نزلها جماعة من اليمن فكانت الغباوة والحمق مختص بعامة اليمن أصالة وفرعية، فإن أهل الهند وإن روي عنهم ما يقدح في خفة أحلامهم إلا أنهم⁣(⁣١) في مسائل العقائد وهي أمرٌ لا يسلم منه كل فريق كما حققه الجاحظ في رسالته، وقد أجمع أهل العقل في جاهلية وإسلام على اختلاف الملل، وتباين النحل، أنه لا يصلح القوم فوضى بلا سراة يهدونهم السبيل، ويقفون لهم خير قبيل، وخصوصاً مرتبة الإمامة في الإسلام، ومنصب الخلافة التي إليها منتهى الزعامة في الأنام، فعلى تدبيرهم تدور رحى الإسلام، وعلى أساس دولتهم تبنى الأحكام، وبتدابيرهم تأمن الأمور، ويصلح الجمهور، وتنحسم مادة الضرر والشرور، فإن منزلة السلطان من قومه منزلة القلب من سائر الجسد، فبصلاحه وانتظام حاله صلاح العالم وانتظام أحواله، وبفساده فسادهم، كما أن بصلاح القلب صلاح سائر البدن والأعضاء، وصدور الأفعال تامة كاملة، وبفساده فسادها، حتى قال بعض الصالحين: لو أعلم لي دعوة مستجابة لما خصصت بها إلاَّ السلطان، فقيل له: ولم ذلك؟ قال: لأن بصلاحه صلاح الأمة، وقد كان في غابر الزمن لا يرون أن يقوم بالإمارة والملك إلا من هذبت أخلاقه، وكملت إنسانيته، ومن لم يكن قد بلغ تلك الدرجة مع استحقاقه الملك بالوراثة كما جرت به عادة القياصرة والأكاسرة صرفوا الهمم إلى العناية بشأنه، ووكلوا به من يرقيه أعلا معارج الكمال الإنساني.

  روي أن بعض ملوك الفرس هلك وخلَّف ابنه في نحو السبع أو التسع السنين فتولى التدبير له موبذ موبذان ومعناه بلسانهم وزير الوزراء، ثم أنه وكل بحضرة ذلك الصبي جماعة من أهل الحكمة والعلم يلازمون مجلسه، ليلقوا عليه من المعارف ما


(١) في الأصل: أنه، ولم يظهر المعنى.