مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة در النادي في الكشف عن خبث حسين الهادي

صفحة 165 - الجزء 1

  القعر، كريه المنظر، ثم يسلمانني إلى مصاحبة ومجاورة الهلكى، تحت أطباق الثرى، فلو تركت بذلك المنزل مع جفائه وضيقه ووحشته وإرتعا أحناش الأرض من لحمي وعصبي، حتى أعود رفاتاً، وتصير أعظمي رماماً، ما كان للبلاء انتهاء، وللشقاء نهاية، ولكني أدفع بعد ذلك إلى صحية الحشر، وأرد هول موقف الجزاء، ثم لا أدري إلى أي الدارين يؤمر بي فأي حال يلتذ به من كان هذا مصيره، فلما سمع الملك كلامه ألقى نفسه عن فرسه وجلس بين يديه وقال: أيها الرجل لقد كدرت عليَّ صفو عيشي، وملك الإشفاق قلبي فأعد عليَّ بعض كلامك فقال له الرجل: أترى هذه العظام الرمة بين يديك قال: نعم، قال: هذه عظام ملوك غرتهم الدنيا بزخرفها، واستحوذت على قلوبهم بغرورها، فألهتهم عن التأهب للموت حتى فاجأتهم الآجال على بغته وأخذلتهم الآمال، وسلبتهم النعم ثم هي الأبدان تنشر وتحشر، ثم يؤمر بها إلى أحد الدارين، ثم لم يُرَ للرجل بعد فراغه من كلامه أثر وتلاحق أصحاب الملك به وقد انتقع لونه وتواصلت عبراته، فركب معهم وهو مختل الحال، حتى إذا كان الليل نزع ما كان عليه من اللباس، ولبس ثياب السياحة وخرج تحت الليل فكان آخر العهد به.

  قصة ملك آخر من الكتاب المذكور، تنازع ملكان من ملوك اليمن فغلب أحدهما صاحبه وقهره وأسره، فقتله واستولى على ملكه، ثم توجه إلى دار مملكة عدوه وتلقاه الناس، وهيئت له السرر وزينت له القصور فبيناه على مسيره إذ عرض له رجل ينسب إلى الجنون فأنشده قوله شعراً: [من الطويل]

  تمتع من الأيام ما كنت عائشاً ... فإنك فيها بين ناهٍ وآمر