الباب الأول في ذكر شيء من الأدلة فيما يجب للمحقين من الأئمة من وجوب الإجابة والحقوق على كافة الأمة
  لطاعته، وينهضوا إذا استنهضهم لقتال عدوه، ولا يكتموا عنه شيئاً من النصائح، ويحدثوا له النصيحة من أنفسهم سراً وجهراً، والأصل في هذه الأمور كلها قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] وأولي الأمر هم الأئمة بإجماع الأمة.
  وروى زيد بن علي عن آبائه عن علي # أنه قال: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل بايع إماماً عادلاً فإن أعطاه شيئاً من الدنيا وفِئ له وإن لم يعطه لم يفِ(١)، ورجلٌ له ماء على قارعة الطريق يمنع سائمة(٢) الطرق، ورجل حلف بعد العصر لقد أعطي في سلعته كذا وكذا فأخذها الآخر مصدقاً له بيمينه وهو كاذب».
  وأما من امتنع من بيعة إمام عادل فقد قال الهادي # في الأحكام: طرحت شهادته وسقطت عدالته، ومنع نصيبه من الفيء، أما وجوب البيعة إذا طلبها الإمام فلما فيها من قوة أمره وتوهين أمر من يخالفه ويعاديه ولما فيه من انتظام الأمر وجمع الشمل وهي من جملة الطاعة، وقد قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] فكيف وقد اشتملت البيعة على هذه المصالح الدينية، ولأن رسول الله ÷ كانت له بيعتان قبل(٣) خروجه من مكة بيعة النساء وبيعة العقبة، وبايع بعد خروجه من مكة بيعتين، بيعة الرضوان وهي بيعة الشجرة، وهي في عمرة الحديبية، وبايعه بعض أصحابه على الموت، وقيل على أن لا يفروا. انتهى كلام الانتصار.
(١) في نسخة: لم يفِ له.
(٢) في نسخة: سابلة.
(٣) قال في حاشية في المطبوع على هذا الكلام ما لفظه: ينظر في كلام الانتصار فبيعة النساء بعد خروجه من مكة وبيعة الرضوان هي بيعة الشجرة وبيعة الحديبية. تمت. مولانا مجد الدين المؤيدي.