الباب الثاني في ذكر طرف من فضائل العترة $ ووجوب التمسك بهم وما يتبع ذلك
  قلت: فحقيق لمن وقر في قلبه ذلك، وقرع سمعه ما هنالك، أن يجتهد في طلب الفرقة الناجية عند مداحض الأقدام، والطريقة الموصلة إلى السلامة والاغتنام، فيجعلها إمامه وقائده، وعصمته ورائده، فيفوز بالنجاة عند الزحام، عند مواقف الأشهاد، ومناقشة العباد {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ٨٩}[الشعراء].
  وقد بين الله تعالى ورسوله ÷ الفرقة الناجية بآية المودة والتطهير، وآية المباهلة وغيرها من الآيات الدالة على أنها العترة الطاهرة الزكية ومن تابعها في دينها من سائر البرية، وبما ورد في الأربعة المعصومين خاصة، وبما ورد فيهم وفي سائر العترة $ عامة، من ذلك قوله ÷: «إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».
  وهذا الخبر متواتر مجمع على صحته، وقد ذكره الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان في حقائق المعرفة متصلاً بما قبله، قال: قال رسول الله ÷: «افترقت أمة أخي موسى إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت أمة أخي عيسى إلى اثنين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة» فلما سمع ذلك المسلمون ضاقوا به ذرعاً وضجوا بالبكاء وأقبلوا عليه وقالوا: يا رسول الله كيف لنا بعدك بطريق النجاة وكيف لنا بمعرفة الفرقة الناجية حتى نعتمد عليها؟ فقال ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» قال: والأمة مجمعة على صحة هذا الخبر، وكل فرقة من فرق الإسلام تتلقاه بالقبول، انتهى.