مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 219 - الجزء 1

  فبين ÷ أنه قد ترك في أمته خليفتين وحبلين ممدودين باقِيَيْن ما بقيت هذه الدار، لا يفارق أحدهما صاحبه حتى يردا على النبي المختار، صلى الله عليه وآله الأخيار، فهما عصمة اللائذين، ونجاة الطالبين، وعمدة الموحدين، وأمان المسلمين.

  أحدهما: وهو الأكبر كتاب الله تعالى حبل ممدود من السماء إلى الأرض، طرفه بيد الله وطرف بأيدينا كما جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث، وهو المعجزة لنبينا ÷ الباقية إلى انقطاع التكليف، المحفوظ عن الزيادة والنقصان والتحريف الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت] وكما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر] وقال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢}⁣[البقرة].

  والثقل الآخر: عترة رسول الله ÷ وهم أهل بيته قد جعلهم الله تعالى تراجمة الكتاب وخلفاء رسول الله بدلاً عنه في حمل الشريعة إلى أمته، وحراستها عن التغيير عن سنته، وأقامهم مقامه، فيما تحتاج إليه الأمة في أمر دينها إلى يوم القيامة، وفي الذب عنها باللسان والسنان، والدعاء إلى دين الملك الديان، فهم سفن النجاة، وباب حطة وباب السلم، وأمان أهل الأرض، ورزقهم الله علم جدهم رسول الله ÷ وفهمه، وخلقهم من لحمه ودمه، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ونوّه بفضلهم وتقديمهم وأوجب على عباده جميعاً مودتهم واتباعهم وتقديمهم ونصرتهم، والتعلم منهم، والكون في حزبهم، والاهتداء بهديهم، فإليهم في الفزع الإنتهاء، وبهم في الأصول الاقتداء، وأعد لمن ناواهم أنواع العقوبات، وأصناف الجوائح المؤلمات، كما جاء ذلك كله في الآيات البينات، والأحاديث المتكاثرات، منها ما نقل وبلغ حد