رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية
  والاستقرار، والرؤية، والنزول، والصعود، والكون في جهة، والغم، والسرور، والألم، واللَّذة، وأن يكون حالّاً أو محلاً، أو غير ذلك؛ لأن تلك جميعها من صفات الأجسام والأعراض وأنه بخلافها ومتعالى عنها، وما ورد في بعض الآيات الكريمة مما يوهم ظاهره التشبيه فهو من المتشابه، والواجب تأويله بما يصح معناه، ونرده إلى الأدلة القطعية من العقل والمحكم من السمع، وقد قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} - أي أصله الذي يرد إليه - {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧}[آل عمران] فالوجه في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن: ٢٧] أي ذاته، و {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: ٦٤] أي نعمته، {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧] أي بقدرته وقوته، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ٣٩}[طه] أي بعلمي، و {فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزُّمَر: ٥٦] أي الجانب الذي لله، وهو الطاعة، و {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥}[طه] أي استولى، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}[المجادلة: ٧] أي علمه وسلطانه، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}[الأنعام: ٣] أي حافظ ومدبر، وعالم، و {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}[النحل: ٥٠] أي قوته وقهره، و {نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}[القيامة] أي منتظرة لرحمته ونحو ذلك، وهذه المعاني كلها شائعة في لسان العرب، بل معدودة من البلاغة فيجب الحمل عليها لما قضت به حجج العقل والآيات المحكمة التي لا احتمال فيها مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص] {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] وإذا وجب الحمل على المجاز مثل {جَنَاحَ الذُّلِّ}[الإسراء: ٢٤] بقرينة العقل وجب هنا.