مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 237 - الجزء 1

  فإن قيل إذا نفيتم عن الله تعالى صفات خلقه فما تقولون في مثل موجود حي قادر عالم، وهل هذا مما يطلق عليه تعالى وعلى غيره أم لا؟

  قلنا: قد بينا أن صفات الله تعالى ذاته وأن ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات فلا اشتراك بينها في ماهية ولا حقيقة؛ ولأن المخلوق موجود بإيجاد فهو موجَد وقادر بإقدار فهو مُقْدَر ونحو ذلك، وهذه عين المخالفة بين المخلوق والخالق، وأما الوقوف على كنه ذاته تعالى فمستحيل، كما قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}⁣[طه] وكما قال الوصي #: (باينهم بصفته رباً كما باينوه بحدوثهم خلقاً)، وقوله #: (من فكر في المخلوقات وحَّد، ومن فكر في الخالق ألحد)، أو كما قال.

  المسألة الثامنة: أن الله تعالى غني لا يجوز عليه الحاجة؛ لأن الحاجة من صفات الأجسام والله تعالى ليس بجسم ولا يشبه الجسم، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}⁣[محمد: ٣٨].

  المسألة التاسعة: أن الله تعالى لا يُرى بالأبصار في الدنيا ولا في الآخرة، والدليل على ذلك أنا وجدنا المرئيات أجساماً وأعراضاً لا غير، وكلها محَدثة والله سبحانه ليس بجسم ولا عرض ولا محدَث، فوجب أن لا يُرى، وقد قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام] وقال تعالى: {لَنْ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣] فنفى الرؤية على جهة الاستغراق، وهذه المسألة في الحقيقة فرع على السابعة كما لمحنا إلى ذلك.

  المسألة العاشرة: أن الله تعالى واحد لا إله غيره، أي لا مشارك له في إلاهيته، والدليل