رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية
  ثالثها: العلم بأن ما يأمر به معروفاً وما ينهى عنه منكراً عند الفاعل؛ لأنه لا يأمن أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر(١)، ولقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦].
  ورابعها: أن يظن التأثير فإن لم(٢) يظن حسن من باب الدعاء إلى الخير، ولقوله تعالى: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤}[الأعراف] إلاَّ أن يكون المأمور والمنهي جاهلاً للحكم وجب البيان؛ لأن تبليغ الشرائع واجب، ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩}[البقرة] الآية، وقوله ÷ «من كتم علماً مما ينفع الله به ألجمه الله بلجام من نار».
  وخامسها: أن لا يظن أنهما يؤديان إلى مثلهما أو أنكر منهما وإلا لم يحسنا إذ يكون كالإغراء، ولقوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨] الآية.
  وسادسها: أن لا يظن حصول ضرر على نفسه بسببها كقتل أو حبس وإلا سقطا لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥] {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] وفي حسنها احتمالات أو تفصيل(٣)، وتجب المباينة لأهل المعاصي لقوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}[النساء: ١٤٠] ويجب الإنكار بالقلب لقوله ÷ «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
(١) في الأم: أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والصواب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل: فإن يظن، وما أثبتناه من نسخة أخرى ولعله الصواب.
(٣) هكذا في الأصل، وفي المطبوعة بلفظ: وفي حسنهما احتمالان وتفصيل.