خاتمة

  اعلم أن الحكمة من الله تعالى بخلق هذه الدار، دار الهموم والأكدار، وذكر الأحزان والأخطار، والتقلب والانتقال، والفناء والزوال، هي البلوى والاختبار، ليقع من المكلفين التفكر والاعتبار، والعلم والعمل، والاصطبار والعبادة الخالصة الموصلة إلى السعادة الأبدية في دار القرار ومساكن الأبرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، كما تكرر ذلك في آيات القرآن العظيم ولسان النبي الكريم، قال الله ø: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ٥٨}⁣[الذاريات] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ٧ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ٨}⁣[الكهف] وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ٢}⁣[الملك] وقد ذم الله تعالى الدنيا وحذر عنها وعن الميل إلى بهجتها والاغترار بزخرفها، ونوَّه بمقتها وكشف عن حقيقتها، وأن الحكمة لخلقها التوصل إلى النعيم الدائم في غيرها وسماها متاع الغرور ودار اللهو واللعب، وضرب فيها الأمثال على تعداد أنواعها كما قال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ٢٠}⁣[الحديد] وقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ٤٥}⁣[الكهف].