فصل في حكم تبييت الكفار وفيهم من لا يجوز قتله كالطفل والمراة
  وأما قول المشكك في كفر الخوارج: إنه أشد من كفر الباطنية وإن أمير المؤمنين لم يحرقهم بالنار، فهذه جهالات مركبة! بيانه أن المارقة أهل دين وعبادات وتلاوة، وصلاة وجهاد مع أمير المؤمنين وصولات، ولكنها طرأت عليهم شبهة لم يعلموا(١) بما أمر الله فيها في كتابه من الرد إلى الله ورسوله وإلى وصيه إمام الأئمة، وهم قصدوا الحق فأخطئوه ومرقوا من الدين، وليس كذلك الملحدة المعطلة للصانع، المنكرة للشرائع، فإنهم أكفر الكفار وأفجر الفجار، عمدوا إلى إبطال الدين، ودسّوا فيه مكائد الملحدين، وتظهروا بالإسلام، وأبطنوا الكفر عن عامة العوام، فما خفي على الأئمة الأعلام، والعلماء العاملين الكرام، ولهذا أفنى(٢) الأئمة $ وشيعتهم أعمارهم في جهادهم، واستعاذوا بالله من شرهم، واستعانوا بالمسلمين ودعوهم إلى جهادهم فما أضر على الإسلام منهم، ومن الصوفية الملحدة، فيجمعهم الإلحاد والوحدة والحيل في إبطال الدين والمكيدة، وأما عدم تحريق أمير المؤمنين للمارقة فلم تَدْعُ الحاجة ولا الضرورة إلى ذلك، كما نُقل عنه في السبأية أصحاب عبد الله بن سبأ، وليس كل جائز أن يفعل في كل حال! فليس إيراد مثل هذا من المعترض إلا من الجهل! وقصد التشكيك في الدين! وفي طريقة آل محمد الأمين وقائمهم حجة الله الداعي إلى جهاد الكافرين.
  وأما الاستدلال بأفعال النبي ÷ فقد عرف وجهه كما سيعرف وكذلك الإستظهار بأفعال أفراد الأئمة والإحتجاج بأفعال جماعتهم فبعد معرفة الوجه فنحن عرفناه، والمشكك جهله، مع أنا لا نتبع إلا ما وضح لنا قيله، وصح عندنا دليله.
(١) في الأصل: بالنون ولعلها من الناسخ وإلا فالفعل مجزوم بلم.
(٢) في الأصل: أفتى، وما أثبت لعله الصواب.