مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

فصل في حكم تبييت الكفار وفيهم من لا يجوز قتله كالطفل والمراة

صفحة 297 - الجزء 1

  وأما الاستدلال بأفعال الله تعالى في القرون الماضية والأمم الخالية من استئصال شأفتهم بالعذاب وعموم صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم عما نطق به، فلسنا نقيس أفعالنا بأفعال الله تعالى سبحانه ولكنا نقول: إن أفعال الأئمة من أفعال الأنبياء وأفعال الأنبياء من أفعال الله فما ورد عن رسول الله ÷ شاهد له الكتاب عَرْضاً، ومصدقاً له جوازاً وسنةً وفرضاً.

  وأما الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة # ففي جوابه على النجراني في استدلاله فيما هذا شأنه، أن مقصد الشارع استئصال الكافرين، وإبادة الظالمين، بأي وجهٍ وعلى أي حالٍ ولهذا استأصل الأمم السالفة والقرون الخالية صغيرهم وكبيرهم ونسائهم وذكورهم مع إمكان التمييز من جهته تعالى إذ هو على كل شيء قدير، فلما لم يهلك الكبير دون الصغير؟ مع كونه على كل شيء قدير، ولم يقبح منه لم يقبح منا مع عدم الإمكان ورد ذلك إلى الضرورة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ٣٧}⁣[ق].

  وأما أدلة النهي الواردة على تحريم قتل نحو ذرية الكفار ونسائهم وإحراقهم فلا يصح أن تكون ناسخة لأدلة الجواز إذ من شرط الناسخ التأخر تاريخاً، ونصب المنجنيق في الطائف متأخرٌ أيضاً حالات الضرورة لم ينسخ وأيضاً أن النسخ لا يكون إلا عند عدم إمكان الجمع بين أدلة الشرع الشريف وإنما يقال إن الأدلة الواردة في النهي على تحريم قتل نحو الصغار من الكفار ونسائهم مطلقة أو عامة، مقيدة أو مخصصة، إما بحال الضرورة وخشية الإستئصال وهو المذهب الذي نختاره لوضوح قيله، وتنقيح دليله، ومن الضرورة عدم الإمكان لدفعهم أو قتالهم قرباً أو بعداً بغير