فصل في حكم تبييت الكفار وفيهم من لا يجوز قتله كالطفل والمراة
  فانظر لنفسك أيها الناظر عمارة على أساس وبنيان، فاجعل الإنصاف ذاتك والعنوان، وراقب الله في السر والإعلان، وقل لا يخفى على ذي مسكة وافتنان، ما قدره أئمة الكتاب والأصول من الآل والأقوام، من الطرق التي تفيد العلم معلومة الصدق والبرهان، التي هي طريقة العلم الضروري والنظري في كل الأحيان، وقسموا ذلك إلى مجمع عليه ومختلف فيه، وبسطوا في ذلك بسطاً يروي الظمآن، ويسلّي العاشق في هذا الميدان، ويدفع عنهم الهمَّ والأحزان، كما ذلك معلوم مشيد الأركان، فاعرفه يا إنسان، وقل متذللاً لا يخفى على من هو دون هؤلاء الكملاء النبلاء الفضلاء أنه نقل إلينا في بطون الكتب وصدور الحفاظ من لدن ظهور هذا المذهب الباطني الملحدي إلى الآن عدد كثير، وجم غفير، من أهل كل عصر عن سابقيه بلا حصر أن الباطنية فرقة كفرية، ملحدة على اختلاف في العبارات والمؤدى واحد، حتى بلغ حد التواتر، وأفادنا العلم الضروري بكفرهم، وذلك شائع ذائع واقع، وارتسم عند العامة ومن لم يبلغ الحلم فإني كنت عند الصغر أعتقد كفرهم وأنسبه إليهم أعرف ذلك من نفسي ضرورة، ثم بعد بلوغي تلقيت ذلك عن المشايخ من العلماء، مع أن النقلة أولئك الأئمة، وتراجمة الأمة، وسرج الظلمة، وذلك يزيد في العلم كما هو الصحيح اختلافه باختلاف الخبر والمخبر عنه.
  فإن قيل: احصر لنا أهل التواتر.
  قلت: لا يلزم حصر التواتر كما ذلك مقرر في موضعه، ولو لزم ذلك لأدّى إلى التشكيك في البلاد النائية والأمم الماضية.