مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

السيف المسلول لقطع حبائل أهل العلة والمعلول

صفحة 33 - الجزء 1

  العقلية، والميرة النقلية الإجمالية والتفصيلية، رجاء للثواب، وحسن المآب، وعملاً بما ورد في محكم السنة والكتاب، وحذراً من وعيد الكتمان على عدم البيان، وطمعاً في أن نكون ممن يعلن الحق عند ظهور البدعة، وحدوث الشنعة، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٦٠}⁣[البقرة] وقال النبي ÷: «من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً»⁣(⁣١) وقال النبي ÷: «إن عند كل بدعة تكون من بعدي يُكاد بها الإسلام - أو قال الإيمان - ولياً من أهل بيتي موكلاً يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله»⁣(⁣٢) وقد كفت علوم آبائنا الأوائل، وأفادت أتباعهم الأفاضل، واحتوت على صحيح المدلول والدلائل، ولكن لا يزال مارد الشياطين يختطف الخطفة في كل حين فيتبعه شهاب ثاقب، وسهم صائب، يقطع أبهريه، ويحل أخبثيه، ويبطل أصليه، ويجدع أنفه، ويسمه على الخرطوم حتى يكون عبرة لمن خلفه، وها نحن نورد كلام الفلاسفة أولاً، ليكون كالمدخل إلى ما نحن بصدده من الرد على الباطنية، ثم نفرد صناعة المناطقة ثانياً، ثم ننقل كلام الباطنية ثالثاً، ومن اتصل بهم ليعلم أنهم إخوان الفلاسفة من القول بتأثير العلة وإيجابها، وقدم العالم ووحدة الوجود، وإنكار الصانع الفاعل المختار المعبود، وإن رادفوا بعض الألفاظ والعبارات، أو زيفوها بالتمويهات المحتملات المقبولات.


(١) رواه الإمام يحيى بن حمزة # في الديباج (٢/ ٢٤١)، والإمام القاسم بن محمد في الإرشاد (٣٨)، والهادي بن إبراهيم الوزير في نهاية التنويه (٨٩)، وابن حجر في مجمع الزوائد (٦٢) وكنز العمال رقم (٥٥٩٩).

(٢) سيأتي تخريجه.