رسالة الإمام # في وجوب تسليم الزكاة إليه حيث تنفذ أوامره وحيث لم تنفذ
  الواجبات وإقامة الجمعة والحدود إلى أن مات ÷، وأرسل ÷ علياً كرم الله وجهه، ومعاذاً، وأبا موسى إلى تخوم اليمن حتى قال معاذ: أئتوني بكل خميس ولبيس(١) فإنه أيسر عليكم وأنفع لمن عند رسول الله ÷، وأرسل إلى النجاشي وغيرهم ممن أرسل ÷ لقبض واجباتهم طوعاً منهم لا إجباراً لهم، فمن منع من ذلك يكون عاصياً لله ولرسوله؟ أم غير عاصي؟ لعدم نفوذ أوامره ÷، فحصل من هذا وجوب تسلم الزكاة إلى الإمام بعد ظهور دعوته مطلقاً(٢).
  فإن قلت: قد شفيت بواضح الدليل، حر الغليل(٣)، فما حكم من أظهر إلى الداعي إلى الله، والذاب عن دين الله، كما ذلك عادة كثير من المتشيعين وأهل التدريس في كتب المفرعين، فلا يزالون يفتون بعدم تسليم الواجبات إلى الإمام، وصرفها من دون إذن منه، فما حكم الصارف والآخذ والمفتي؟
  قلت: ذكر الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة #، أن من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقداً لجواز الأخذ كان ردة لرده ما علم من الدين ضرورة، وإن أخذ وهو عالم بالتحريم كان فاسقاً(٤).
(١) قال في حاشية على نسخة أخرى ما لفظه: وفي حديث معاذ أنه كان يقول في اليمن: ائتوني بخميس أو لبيس أخذه منكم في الصدقة، الخميس الثوب الذي طوله خمسة أذرع، ويقال له المخموس أيضاً ويقال: سمي خميساً لأن أول من عمله ملك في اليمن يقال له الخمس بالكسر، وقال الجوهري: الخمس ضرب من برود اليمن فاستعارها للثوب. تمت. من مولانا مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى.
(٢) أي سواء نفذت أوامره أم لا.
(٣) في نسخة: جرح العليل.
(٤) قال في حاشية على نسخة أخرى ما لفظه: أقول وبالله التوفيق: لا يجوز أن يؤخذ هذا الكلام على ظاهره أو عمومه قطعاً لأنه يلزم منه تكفير القائلين بجواز أخذ الزكاة في عصر الإمام حيث لا تنفذ أوامره وهم أهل المذهب الشريف، ومنهم الإمام الأعظم أبو طالب # فيجب أن يحمل على أن المراد من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقداً عدم وجوبها أصلاً أو أنه لا يجوز إعطاؤها إلى الإمام مطلقاً حيث تنفذ أوامره وحيث لا تنفذ والتأويل الأول أصح.
وأما كلام الهادي إلى الحق # فيحمل على أن المراد من ترك الجهاد معتقداً عدم وجوبه مطلقاً ليكون رداً لما علم من الدين ضرورة من وجوب الجهاد والله ولي التوفيق، من سماحة مولانا مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى.