رسالة الإمام # في وجوب تسليم الزكاة إليه حيث تنفذ أوامره وحيث لم تنفذ
  قال الإمام عز الدين بن الحسن #: وكذا يكون عنده حكم الصارف إذ لا فرق، ويعضد كلام المنصور بالله ما ذكره الهادي # في، وصيته التي خطها عهداً بينه وبين ربه أن قال: «واشهد أن الجهاد بالنفس والمال أفضل ما تعبد الله به عباده، وأن تاركه بعد ظهور واحد منا أهل البيت كافر بالله جاحد، ولله سبحانه معاند، هذا قول يحيى بن الحسين وعليه يموت». انتهى كلامه #، ولم يفصل بين مال ومال، وهذا أمر مقلق فيجب على كل مسلم الإنتباه، وسلوك سبيل النجاة، ويصحح ما قاله الإمامان(١) @، ما كان من أمر الصحابة في شأن بني حنيفة وأشكالهم الذاهبين إلى ما ذهبوا إليه، وذلك أن بني حنيفة لما مات النبي ÷ امتنعوا من تسليم الزكاة إلى أبي بكر وقالوا: قال الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} والخطاب للنبي ÷ وأبو بكر لم يخاطب بالأمر بالأخذ، ولا صلاته سكن لمن أخذ منه(٢)، فنحن نفرقها في فقرائنا، والصحابة قد صاروا أغنياء، حتى قال قيس بن عاصم المنقري شعراً: [من الطويل]
  حبوت بها من منقرٍ كل بائس ... وأيأست منها كل أطلس طامع
  وقال قائل بني حنيفة: [من الطويل]
  أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فوا عجباً ما بال دين أبي بكر
  يورِّثها بكرٌ لمن كان بعده ... وتلك لعمر الله قاصمة الظهر
  وإن التي سألتموا ومنعتموا ... لكالتمر أو أحلى لدي من التمر
  فلما كان منهم ذلك استشار أبو بكر الصحابة في شأنهم، فكان من رأي عمر الإمساك عن حربهم، وتركهم يصرفونها لمن عندهم، لقوة شوكتهم، وقرب عهدهم بالإسلام، وتشدد أبو بكر وقال: والله لا أباقيهم إذاً يصير فعلهم سنة في الإسلام، ولو
(١) الهادي والمنصور بالله @.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}.