مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

فصل (في أقاويل الحكماء في ماهية الحركة)

صفحة 36 - الجزء 1

  والفساد عكس ذلك، والزيادة هي: تباعد نهايات الجسم عن مؤثره، والنقصان عكس ذلك، والتغيير هو: تبديل الصفات على الموصوف من الألوان، والطعوم، والروائح وغيرها من الصفات، وأما الحركة التي تسمى النقلة فهي عند جمهور الناس: نزوح من مكان إلى مكان آخر، ويقال: إن النقلة هو الكون في محاذاة ناحية أخرى في الزمان الآتي، وهذين⁣(⁣١) القولين يصح في الحركة التي على الاستقامة، فأما التي على الاستدارة فلا يصح؛ لأن المحترك على الاستدارة فلا ينتقل من مكان إلى مكان، ولا يصير في محاذات أخرى في زمان ثاني، فإن قيل إن المتحرك على الاستدارة أجزاؤه تبدل أماكنها وتصير في محاذيات أخرى في زمان ثاني، لا الجزء الذي هو في المركز فإنه ساكن فيه لا يتحرك، فليعلم من يقول هذا ويظن هذا الظن أو يقدر أن هذا رأي صحيح أن المركز إنما هو نقطة متوهمة، وهي رأس الخط ورأس الخط لا يكون مكان الجزء من الجسم، وليعلم أيضاً أن المتحرك على الاستدارة بجميع أجزائه متحرك، وهو لا ينتقل من مكان إلى مكان، ولا يصير محاذياً لشيء آخر في زمان ثاني، فأما الحركة على الاستقامة فلا يمكن إلا بالانتقال من مكان إلى مكان في زمان ثانٍ.

  فإن قيل: إنه مكن⁣(⁣٢) ذلك أن الإنسان قد يحرك يده أو بعض أعضائه، وهو لا ينتقل من مكان إلى مكان، فماذا ترى؟ كيف يكون حال اليد هو [هل] يجوز أن يتحرك ولا يخرج من مكان إلى مكان؟ وكذلك حكم الإصبع هل يجوز أن تحترك ولا تنقل من مكان إلى مكان، ولا تمر بمحاذاة آخر في زمان ثانٍ؟


(١) قال في هامش الأصل: (كذا في الأم) تمت. والصواب وهذان القولان.

(٢) كذا في الأصل، ولعلها يمكن.