مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

السيف المسلول لقطع حبائل أهل العلة والمعلول

صفحة 37 - الجزء 1

  واعلم أنه متى تحركت الأجزاء من جسم فقد تحركت تلك الجملة، ومتى تحركت الجملة فقد تحركت الأجزاء، لأن تلك الجملة لأجزاء ليست غير تلك الجملة، وذلك أنه إذا تحركت أي جملة الإنسان فقد تحركت جملة أعضائه، وإذا تحركت أعضاؤه فقد تحرك هو، وإن تحرك يده وحدها فقد تحركت أجزاء اليد كلها، لأن اليد ليست بشيء غير تلك الأجزاء، وكذلك إذا تحركت أصبعاً واحداً فقد تحركت أجزاء الأصابع كلها؛ لأنه ليست الأصبع غير تلك الأجزاء، فمن ظن أنه يجوز أن تتحرك الأجزاء ولا تتحرك الكل أو تحرك الجملة، ولا تتحرك بعض الأجزاء فقد أخطأ.

  واعلم أنه قد ظن كثير من أهل العلم أن المتحرك على الاستقامة، يتحرك حركات كثيرة؛ لأنه يمر في حركته بمحاذاة كثيرة في حال حركته، وليس ينبغي أن يعتبر كثرة الحركات بكثرة المحاذيات، فإن السهم في مروره إلى أن تقع حركته واحدة وإن كان يمر بمحاذيات أشياءٍ كثيرة، وكذلك المتحرك على الاستدارة فحركته واحدة إلى أن يقف، وإن كان يدور أدواراً كثيرة.

  واعلم أنه لا يفصل حركة من حركة إلا بسكون بينهما يعرفه، ولا يشك فيه أهل صناعة الموسيقى، وذلك أن صناعتهم معرفة تأليف النغم⁣(⁣١) والنغم لا يكون إلا بأصواتٍ، والأصوات لا تحدث إلا من تصادم الأجسام، وتصادم الأجسام لا تكون إلا بالحركات، والحركات لا ينفصل بعضها من بعض إلا بسكونات تكون بينها، فمن هذا قالوا الذين نظروا في تأليف النغم أن يمر زمان كل نقرتين زمان سكون، وقد بينا


(١) قال في هامش الأصل: (النَغَم بفتحتين) جمع نغمة وهي الصوت يقال: فلان حسن النغمة إذا كان حسن الصوت في القراءة، كذا في الصحاح. تمت.