جواب الإمام # على حاكم وادعة
  ثمرة الإمامة تحمّل المشاق، في رضا الملك الخلاق، وقد علمتم وعلم المستحفظون من حملة الحجة، من أوضح محجة، وأقوم بهجة، وحيث قد وفيتم بالمرام، لا حاجة إلى تطويل الكلام.
  وأما تلك الأطراف فكان فرض فخر الأشراف أن يعمل بما نصه قلمه، وسوده أرقمه، في الإستدلال بالآية الكريمة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ...} إلخ [الحجرات: ٦]، فلا نعلم تسليط ظالم، ولا تولية آثم، وأين البلاد التي ظهرت فيها يد ظلم من قِبَلِنَا أو تعميل عامل يرجع ملامة جوره علينا، وإن كانت أمور الحيمة في هذا العام فالعذر أجلا من ابن جلا، وأذْكا من ذكاء، وهو أن هؤلاء الكفرة الملاحدة لما استولوا على بلاد المسلمين واختصت بذلك بلاد الزيدية جعلوهم خَوَلاً ورعية، ترك المسلمون جهادهم والأخذ على أيديهم، فاستحلوا عنادهم فانتصبنا في هذا المقام، وحرضنا أهل الإسلام، وحصلت حروب تذهل الطالب عن المطلوب، والأعداء في قوة من المال معتضدين بالبلاد والرجال، وفي منعة بالحصون والذخائر الثقال، وطالت المدة، وزالت الشدة.
  فبعثنا أطفالنا لحث القبائل، وتحصيل كل قوم صائل، فانقادت قبائل أرحب وأسرعوا إلى المطلب، وجهنا معهم من نظن فيه الصلاح، من أهل العلم والفلاح، وأوصيناهم بالرفق بأهل البلاد، وتأمينهم على طريقة الإقتصاد، ومراعاة للمصلحة في جذب قلوبهم إلى طريقة السداد، مع أن الدار قد صارت دار إباحة باستيلاء أهل الكفر عليها، وقوت(١) شوكتهم فيها، وقد ملكها هؤلاء الملاحدة، وشاركوهم بالمساعدة، وصاروا معهم عضداً وساعداً ونصيراً مساعداً، وقووهم بالأموال، وأخلوا لهم الساحة، وسهلوا لهم في غُدار أنها طريق السباحة، فحين استولى الأجناد، على بعض
(١) في الأصل (قوة) كذا والصواب ما أثبتناه.