[التراخي في الشفعة]
  كان شرى ناصفة الموضع أولا ثم شرى ثانياً قسط(١) لإسقاط حق الشفعة، وهذا محل النزاع، فكلام أهل المذهب قوي من جهة أن ذلك الترتيب لم يسقط حقاً ثابتاً للشفيع لا مباشرة ولا تسبيب كما في قصة أصحاب السبت لما ذكرنا أولاً أن هذا الحق لم يثبت للشفيع إلا بشروط منها بيع المبيع، ومنها وجود أحد الأسباب الأربعة وغير ذلك، فإذا اجتمعت حصل حق الشفيع وهو أنه أولى بالمبيع من المشتري لا غير، ومدار أحكام الشفعة كلها على ذلك، ومن اشترى على تلك الصورة فالصفقة الأولى لم يثبت فيها حق لعدم كمال الشروط، ولا يصح القياس لجامع الضرر لأن الضرر ليس بمنضبط بل وخفي ولا يصح تعليق الحكم إلا بوصف ظاهر منضبط كما قرر في الأصول، كما قرر في القصر في السفر فوقع المناط بالسفر بشرط أن يكون بريداً؛ لأنه مظنة المشقة التي ليست بمنضبطة، وهذا وقع المناط البيع المستجمع للشروط المعروفة، على أن مسألة الشفعة مما لا نظير له، فلا مساغ للقياس فيه، ونظير ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين علي # أنه أمر من حلف لَيُجامع امرأته في شهر رمضان بأن يسافر بها إلى المدائن ويطأها، فقد فعل ما هو حلال، وإن كان قصده إسقاط ما كان يلزمه لو اجتمعت الشروط.
(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب (قصداً لإسقاط) هكذا.