مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة العلامة يحيى القطفا

صفحة 76 - الجزء 1

  إطناب، ولم أوجز إيجازاً يخل بمواقع الخطاب، بل بُيَّن ذلك، فعززته بهذا البحث ليرجع إليه المطلع على ذلك الجواب فيما أشكل، والكل على حسب الطاقة والإمكان، والقصور وطول الاغتراب، والوقوف بين أهل الجهل والغفلة عن العلم والآداب، وأسأل من اخواني إسبال الستر على ما فيه من مخالفة أدب المناظرة، والغفلة في التحرير، وإصلاح الفاسد، وتكميل الناقص، لينتظم في سلك مؤلفات أولي الألباب، جزاهم الله خير جزاء بالزلفى وحسن مئاب.

  فأقول: قال السائل: ما قولكم رضي الله عنكم في علم الله هل هو متعلق بمعلوم أم لا؟ نقول علم الله متعلق بمعلوم وهو جميع ما يعلمه قطعاً سواءً كان موجوداً أو معدوماً، فما كان معدوماً فالتعلق به حال عدمه، قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ}⁣[الحديد: ٣] فأثبت الأولية التي لا ابتداء لها والآخرية التي لا انتهاء لها، وقال ÷: «كان الله ولا شيء» وقال أمير المؤمنين #: «الأول الذي لا شيء قبله، والآخر الذي لا شيء بعده، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده».

  وأقول: قد أثبت المتكلمون حدوث العالم بالأدلة القاطعة، وكل منهم سلك طريقاً تودي إلى اليقين فمنها دليل الآفاق، وهو الاستدلال بجملة العالم من حيث هو مجموع كما أفاده قوله تعالى، {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}⁣[البقرة: ١٦٤] ومنهم من استدل بالحوادث اليومية وهو قوله تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ}⁣[البقرة: ١٦٤] إلى قوله {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ومنهم من استدل بدليل الأنفس وهو قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ٢٠ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٢١}⁣[الذاريات] وهذه الأدلة قد ذكرها صاحب الإيثار وأراد ترجيحها على دليل الدعاوى فلذا نفى الكائنة واعترض القول بثبوت الذوات