مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة العلامة يحيى بن أحمد القطفا جوابا على سؤال الباطني

صفحة 81 - الجزء 1

  يقتضي وجوده⁣(⁣١) فإن ثمة أمور متفق عليها لم تكن موجودة وهي القيامة وأحوالها التي وصفها الشارع بما وصف فلو كان العلم بها يقتضي وجودها لكانت موجودة مشاهدة الآن وكذلك لو كان ما ثبت في علمه تعالى موجوداً لكان ما أخبرنا به ÷ من أشراط الساعة وظهور الدجال وأحواله موجودة مع الاتفاق على وجوب التصديق بذلك وكذلك ما ثبت في علم أهل الصناعات عند تصوره قبل إيجاده عند الوصف لكيفيته، مثاله النساخ عند أن يتصور الربع القطع، والنصف والقطع حال شروعه، وكذلك العمار عند تصوير الدار والخان والدائر في الارتفاع والطباق والطول والعرض وغيرهم، فلو كان مَنْ تصور ذلك وجد ذاته وأنه لا يعلم ولا يتصور إلا الموجود للزم الدور وهو أن يتوقف ما أريد وجوده على تصوره وتصوره على وجوده، فافهم فمن هنا يعلم أن تعلق علم الله بالأشياء قبل وجودها لا يقتضي وجودها في العدم قال ÷ «كان الله ولا شيء».

  نعم: فنقول تعلق علم الله بالأشياء حال عدمها وأوجدها اختراعاً كما علمها فسبحان من عمت قدرته، وعظمت منته، فإن قلت: تعلق شيء وهو قدرة القديم تعالى بلا شيء.

  قلنا: بل العالَم قبل وجوده غيباً كما قدمنا لأن الأصناف المعدودة أولاً علمت له حال عدمها وعند أن أراد إيجادها أوجدها لأن الشيء هو ما يصح العلم به على انفراده سواءً كان موجوداً أو معدوماً كما قرر هنا وفي مواضعه.

  فإن قلت: هل هذا السؤال يرد على جميع الأدلة المتقدمة.

  قلت: لم يتوهم وروده إلا على دليل الأكوان المسمى بدليل الدعاوي وهو الخامس هنا.


(١) في الأصل: وجوه، وما أثبت لعله الصواب.